القاهرة ــ نائل الطوخيعندما تريد الكاتبة الشابة، المثقفة «الفيمينست» المتألمة، التي توجعها روحها المرهفة الرقيقة، أن تشتم رجلاً بعينه، فإنّها تردد الشتيمة الأعز على قلبها: «هو لا يفكر إلا في نصفه الأسفل».
طيب، التفكير فقط في نصف واحد من أنصاف البشر هو أمر سيئ بالطبع، (حتى لو كان هو النصف الأعلى بالمناسبة). أحياناً تبدو الكاتبة «الفيمينست» متضايقة ليس لأنّ من أمامها يفكر في نصفه الأسفل فقط، بل لأنّه يفكر في نصفه الأسفل أصلاً، بدون فقط. لا أحد يفكر في نصف واحد فقط من جسمه، لأنّه، هكذا شاءت المشيئة الإلهية، كلّ من النصفين مرتبط بالآخر، ولا يفكان ارتباطهما إلا أحياناً في أفلام «زومبي». وتفكير الإنسان، فقط في نصف واحد من جسمه، فضلاً عن أنّه يجعله عرضة لشتيمة الكاتبات الشابات، المثقفات «الفيمينستيات» المتألمات اللواتي توجعهن أرواحهن المرهفة الرقيقة، فهو قدرة خارقة ليس بإمكانه أن ينسبها لنفسه، حتى لو أراد.
لا ينفك ارتباط النصفين الأعلى والأسفل من الجسد إلا في أفلام الزومبي
النصف الأسفل من الإنسان مهم جداً، حتى لأهداف أخرى أكثر براءة وأهمية من ممارسة «السيكو سيكو» (وهي كلمة مصرية منحوتة من السكس أي الجنس والجسد، ومن السايكو، أي النفس والروح). يسير الرجل مثلاً بنصفه الأسفل، وعندما يفكر في المشي لشراء أشياء من المتجر لزوجته فهو يفكر في نصفه الأسفل. وعندما ينوي الركض لخفض حجم كرشه، الذي يقع في نصفه الأعلى، فإنه يفكر في ساقيه في النصف الأسفل. ولولا النصف الأسفل لما كان الرجال بهذا الطول، وبالتالي لما سندت النساء رؤوسهن على أكتافهم في المواصلات. ولولا الأنصاف السفلية لصار الرجال أشبه بالقرود التي تقفز على الرصيف (تخيلوا رجلاً يبدأ جسمه من كرشه مثلاً). ولما كان «بريستيج» المرأة يتحدد بحسب نوعية الرجل الذي يمشي معها، ولما وجدت النساء من ينفق عليهن، لأنّ الطبيعي أنّ الإنسان هو من يطعم القرد، لا العكس.
حالة الرعب التي تنتابنا من نصفنا الأسفل هي حالة غير مبررة في الحقيقة. وليس مفهوماً أن يشتم الشاب الشخص الذي مر بجانبه، بينما يعتذر بحياء رقيق ووجهه أحمر من الخجل لفتاة ارتطم بها عن طريق الخطأ. ليس مبرراً أن تمد الفتاة يدها للشاب وتدعي أنّها تصافحه ثم تقول «أصلي ما بسلمش». الحق أقول لكم، هناك أمور عادية ممكن أن تحدث ولا يعني حدوثها بالضرورة أنّنا نفكر فقط في أنصافنا السفلى أو في ممارسة «السيكو سيكو» مع من أمامنا.
«السيكو سيكو» والتفكير أحياناً في النصف الأسفل من الجسد، هو شيء عادي وغير مدمر، ويحدث في أحسن المجتمعات. حتى التفكير «فقط» في النصف الأسفل هو شيء لذيذ جداً، ومنعش جداً، ولكنّه للأسف مستحيل، مستحيل جداً.
جربوا وسجلوا النتيجة، إذ ربما تنجحون. وفي جميع الأحوال، لا تفقدوا الأمل.