صيدا ــ خالد الغربيلم يكن علي جمعة صاحب «بسطة الشعب» المعدّة لبيع شوكولا العيد في السوق التجاري في صيدا يتلو خطاباً مندّداً بالواقع المعيشي في لبنان، عندما كان يردّد عبارات «نحن مع الفقير وبضاعتنا شعبية»، و«شو بدّك بأكل الأمرا، أحلى شوكولا منّي للفقرا»، بل كانت كلماته هذه وسيلته لاجتذاب المتسوّقين وإغرائهم بالأسعار الشعبية والبضاعة الممتازة. وكانت أسواق صيدا قد شهدت، عشية عيد الفطر، زحمة للمتسوّقين أو «لمشاريع متسوّقين»، كما يشير «أبو عدنان» صاحب محل لبيع الملبوسات قائلاً «حركة ليست كلها بركة»، متوقعاً أن تدفع الأوضاع الصعبة الناس إلى تحديد سلّم أولويات للإنفاق، وقد لا تكون متطلّبات العيد أولوية لدى العديد من المواطنين. ويتذكر أبو عدنان أياماً خلت «محلّي كانت تعلوه عام 1985 أكياس الرمل خلال أحداث شرقي صيدا، لكنّ حركة البيع كانت مثل النار».
من جهة ثانية، يتوقع تجار آخرون ارتفاع حركة المبيع في اليومين الفاصلين عن موعد العيد. يقول علي حمدان، صاحب أحد المحال، «بورصة المبيع تتحدد في اليومين الأخيرين من شهر رمضان، لأن الناس يعملون بمقولة أخذ الفكرة والشراء بكرا». هو يرى أن الحركة معقولة، «مستورة وماشي الحال»، معيداً أسباب تراجع المبيع إلى تزامن حلول العيد مع موعد الاستعداد لبداية انطلاقة العام الدراسي، وما يترتّب على الأهالي من دفع مال وأقساط، وكذلك «حلول العيد في الوقت الفاصل بين الصيفية والشتوية، وما يرتّبه من حيرة في انتقاء الثياب»، بينما توقّع جاره أن تزيد حركة التسوّق بعدما قامت الدولة بدفع رواتب موظفيها مقدّماً لتيسير أمورهم وشراء حاجات العيد. وكون العيد وثيابه أكثر ما يبتهج لهما الأطفال، فقد اصطحب الأهالي أولادهم إلى السوق لشراء الملبوسات والأحذية، وخصوصاً أنهم لم يعودوا يركنون إلى ذوق الأهل. «أنا لي كلمتي وذوقي» تقول الطفلة سمر بدران (10سنوات) لوالدتها في معرض دفاعها عن خيارها في انتقاء فستان مطرّز للعيد. بعض الأطفال كان مستشعراً مشكلة الغلاء، فحاول التخفيف من مصاريف قد تكون زائدة، مثل لما حبوب (8 سنوات) التي آثرت إصلاح «سكربينتها» لدى إسكافي داخل صيدا القديمة، لتخفيف الأعباء عن والدها خالد «الموظف على قد حالو» كما يقول.