طرابلس ــ عبد الكافي الصمدبعد انقطاع دام أشهراً، عاود أهالي الموقوفين الإسلاميين في سجن رومية تحركاتهم الاحتجاجية. أمس شاركوا في الاعتصام الذي أقامه حزب التحرير الإسلامي بعد صلاة الجمعة، في الباحة الداخلية للمسجد المنصوري الكبير وسط طرابلس. كان المعتصمون ذكوراً وإناثاً وأطفالاً، ومواطنين. اتخذت إجراءات أمنية مشددة في محيط المكان، تمثّلت بإغلاق القوى الأمنية الشوارع المؤدية إلى المسجد أمام السيارات، فضلاً عن وجود هذه القوى عند مداخل المسجد الرئيسية للحؤول دون خروج المعتصمين منه إذا أرادوا ذلك.
ما إن انتهت الصلاة حتى تجمّع مناصرو الحزب في الزاوية الغربية من باحة المسجد، وهم يرفعون راياتهم السوداء التقليدية، ولافتات حمل بعضها عبارات: «اصدع بحقك فالظالم يحيا بالسكوت»، و«المجاهدون عنوان العزة والعنفوان وأنتم أيها الظالمون عنوان الذل والارتهان»، و«وا إسلاماه»، و«إلى متى يبقى المسلمون سلعة تباع على أبواب السفارات؟»، وردّدوا هتافات منها: «لا للظالمين في لبنان»، و«لا نرضى بالظلم في لبنان»، و«لا إله إلا الله الظالم عدو الله». وكان أحد عناصر الحزب يصدح من مكبّر للصوت بأنه «لن نسكت بعد اليوم حتى الإفراج عن شبابنا المسلمين»، قبل أن يتحدث الشيخ عبد القادر الزعبي باسم الأهالي، فيتهم السياسيين بأنهم «ورّطوا الضعفاء في حروب وفتن، ثم ألقوا كل ذلك على عاتق هؤلاء الشباب الموقوفين».
وسأل الزعبي: «هل يوجد في القانون فقرة ترى أن إقدام شبان على الجهاد في العراق أو فلسطين جريمة؟ وإذا كان ذلك جريمة، فهل ثبت عليهم أنهم قاموا بها أو فكّروا فيها؟».
وتوجه الزعبي إلى القضاة سائلاً: «هل ثبتت إدانة الشباب أم أن اعترافاتهم أخذت منهم عنوة تحت التعذيب والتنكيل في وزارة الدفاع ولدى فرع المعلومات؟ وهل تعدّ الاعترافات القسرية قانونية؟»، موضحاً «نربأ بالقضاة والسياسيين أن يقدّموا شبابنا قرابين لدى السفارات الأجنبية، ونطالب السياسيين الذين أغدقوا علينا الوعود قبل الانتخابات، ثم سكتوا نهائياً بعدها، أن يفوا بوعودهم لنا بتأليف لجان للنظر في قضايا هؤلاء الشباب وحالات التعذيب التي تطالهم، ثم إخلاء سبيلهم والاعتذار منهم».
بعد ذلك تحدث رئيس المكتب الإعلامي في الحزب أحمد القصص، فرأى

طالب بيان «الأسرى المسلمين في سجن رومية» المفتين بدعم الموقوفين
أن «معظم المعتقلين الإسلاميين في السجون اللبنانية لم يقوموا بأي عمل مادي أو عسكري، لكن تهمتهم هي حيازة أسلحة فردية واتصالهم بالمجاهدين في العراق»، معتبراً أن الشبان الإسلاميين المحتجزين «ليسوا موقوفين بطريقة قانونية، بل هم معتقلون سياسياً، وأسرى ورهائن حرب عالمية وأخرى محلية وطائفية».
وأشار القصص إلى أن «القابع وراء هذا الملف الظالم طرفان: الأول العصبيات الطائفية، لأن معظم أصحاب القرار في هذا الملف تحدوهم عصبيات طائفية، أما البقية فإن سمتهم التخاذل والجبن مخافة أن يُتهموا بالطائفية ودعم المتطرفين. والثاني ارتهان للنظام الدولي الذي يعطي شهادة حسن سلوك لكل من يبرهن على ضلوعه في الحرب على المجاهدين»، معتبراً أن ما يجري «بحق أبنائنا الموقوفين في لبنان هو جزء من الحرب التي تشنّها أميركا على كل من يحمل السلاح في وجه جيوشها المحتلة».
وسأل القصص: «بأي حق تصدر قرارات التوقيف ومن ثم الأحكام القضائية بناءً على اعترافات انتزعت تحت الإكراه والتهديد والتعذيب؟»، لافتاً إلى أن «دولة تحكّم أجهزة الاستخبارات والعسكر في رقاب شعبها هي دولة لا تستحق الحياة ولا الاحترام، وأن سلطة تدفع الرواتب للجلادين ليفتنوا الناس وينتزعوا منهم الاعترافات بالقوة هي كذلك»، معتبراً أن «المماطلة في المحاكمات هي أكبر دليل على تلفيق التهم، إذ إن الأحكام إن صدرت فستؤدي إلى إخلاء سبيل معظم الشبان».
وتساءل القصص: «لماذا يقبع إخواننا الذين لم يطلقوا رصاصة واحدة في السجون سنوات دون محاكمة، بينما الذين خاضوا حروب الشوارع والأزقة بالمدافع والصواريخ، وقتلوا ودمرّوا وهجّروا، لا تفتح لهم ملفات قضائية ولا ملفات تحقيق؟»، معتبراً أن «الجواب بكل بساطة أن هؤلاء ارتكبوا موبقاتهم بأوامر وغطاء من زعماء القبائل الطائفية».
وطالب القصص الحكام والمسؤولين «بوجوب محاسبة أولئك الذين تورّطوا في الاعتداءات على المعتقلين الإسلاميين»، مذكّراً إياهم بأن «الإعراض عن هذه المسؤولية عواقبه وخيمة، إذ يولّد الحقد، وهذا بدوره يولّد الانفجار».
ووزع في الاعتصام بيان باسم «الأسرى المسلمين في سجن رومية»، أشاروا فيه إلى إضرابهم عن الطعام، وأن أقربائهم من النساء «تعرضن لإهانات وانتهاكات عند أحد حواجز التفتيش في سجن رومية»، ودعوا المفتي محمد رشيد قباني، والمفتي مالك الشعار والمفتي محمد علي الجوزو، «للنزول إلى الشوارع والإعلان على المنابر وعقد المؤتمرات، من أجل رفض الظلم وانتهاك العرض».