بعدما كان طلاب قرية كفرشوبا الجنوبية وطلاب القرى المجاورة يقصدون مدارس بعيدة لإتمام مرحلة ثانوية لا توفرها المدارس، إن وجدت، في قراهم، أُنشئت ثانوية كفرشوبا التي ستفتتح خلال الأيام المقبلة، بعد عيد الفطر، لتقريب المسافات المتعبة التي كان يقطعها الطلاب ليتعلموا.
أيمن القادري
«كنت أعود من ثانوية مرجعيون يومياً مرهقاً. لا أكاد أصل إلى منزلي في كفرشوبا حتى أنام بسبب الصداع الذي كانت تسببه لي ضجة الباص وتلامذته، وبسبب طول الرحلة التي كانت تستغرق ساعة ذهاباً إلى بلدة مرجعيون وساعة إياباً إلى بلدة كفرشوبا». هكذا يشرح الطالب علي هاجر، الذي أنهى المرحلة الثانوية خلال العام الدراسي الماضي، ما كان يعانيه خلال ثلاث سنوات دراسية التحق خلالها بمدرسة في بلدة مرجعيون.
لا يختلف الأمر بالنسبة إلى الطالبة أحلام سعد الدين المقيمة أيضاً في بلدة كفرشوبا، التي اضطرت بدورها لإكمال المرحلة الثانوية في بلدة حاصبيا. كان يزعجها اضطرارها لتحمل مرور الباص في جميع القرى المجاورة لاصطحاب التلامذة، «كنت أشعر أنني مجبرة يومياً على «كزدورة» لا أحبها وتسبب لي الصداع، فالباص كان يمر في كفرحمام والهبارية وراشيا الفخار ويتوقف هنا وهناك وغالباً ما ينتظر الطلاب الخمولين الذين لا يوقظهم من نومهم إلا زموره وأنا أكره الانتظار»، كما تقول.
أما الطالب محمد دقماق، فقد كان يصل إلى منزله في كفرشوبا يومياً عند الساعة الرابعة عصراً بسبب المسافة الطويلة حتى حاصبيا، ولا يكاد يأكل ويرتاح حتى تصبح الساعة السادسة مساءً، ما كان يضطره للسهر إلى حين إتمام دروسه كاملة.
أدرك رئيس بلدية كفرشوبا عزّت القادري مشكلة عدم توافر ثانوية في البلدة، فكان مشروعه إنشاء ثانوية على تلة «غير محتلة» من تلال كفرشوبا يطلق عليها تسمية الشْمِيسْ. أُنشئت هذه الثانوية على مساحة ألفي متر مربع في موقع يستفيد منه ليس فقط طلاب كفرشوبا، بل طلاب القرى المجاورة لها أيضاً، إذ إنها تقع في أول كفرشوبا وفي الوسط بين كفرحمام وشبعا والهبارية وراشيا الفخار. عرف رئيس البلدية كيف يختار موقع الثانوية بامتياز، فبالإضافة إلى الموقع الذي يستفيد منه طلاب قرى العرقوب إذ يجنّبهم المسافات المرهقة، يستفيد الطلاب أيضاً من الهدوء، فلا سكان ولا منازل ولا ضجة تحيط بالثانوية، بل فقط أشجار. إلا أن مشروع إنشاء ثانوية كفرشوبا لم يكن ذا فائدة على الجميع. فالتعليم في هذه الثانوية سيكون باللغة الفرنسية وحسب، وبذلك فإن المتضرر الأول منه هو الطالب الذي تأسّس منذ أعوامه الدراسية الأولى في مدارس تعتمد اللغة الإنكليزية. وهنا يشرح الأستاذ محمد ناصوح القادري، الذي من المقرر أن يصبح مديراً للثانوية هذا الموضوع قائلاً «سنضطر لاحقاً لطلب ترخيص من وزارة التربية ليكون المنهج التعليمي في المرحلة الثانوية باللغة الإنكليزية».
أما المتضرر الثاني، فهو سائق الباص، إن كان ذاك الذي ينقل الطلاب يومياً من قراهم إلى ثانوية حاصبيا مقابل خمسين ألف ليرة شهرياً، أو ذاك الذي كان ينقلهم من قراهم إلى ثانوية مرجعيون مقابل أربعين ألف ليرة. في هذا السياق، يشكو سائق الباص، جلال عبد الله: «هذه السنة لا أمل بأن أجد طلاباً، لذلك سأضطر لاستخدام الباص لنقل الطلاب من ضيعتي كفرحمام والهبارية إلى قرية كفرشوبا رغم أن الأجر الشهري سيكون أقل».
أما المتضرر الثالث، فهو ذاك الطالب الذي تعوّد على ألا يتمّ دروسه كاملة في المنزل لاتكاله على الوقت الطويل الذي كان يمضيه في الباص أثناء ذهابه إلى الثانوية البعيدة عن قريته. فهذا الوقت الذي كان يستخدمه لإتمام بعض الفروض أو لحفظ ما لم يحفظه من دروس في المنزل لن يعود محتسباً بعد اليوم.


المدرسة نموذجية وتفتتح بعد العيد

لم يتكفّل المجلس البلدي وحده ببناء الثانوية، بل تلقى لإتمام ذلك مساعدة ودعماً من مجلس الجنوب. وفي هذا الإطار، يروي رئيس البلدية عزّت القادري أن «البلدية قامت ببعض أعمال الحفر وأنشأت بعض الجدران إلا أن مجلس الجنوب تكفّل بإنجاز القسم الأكبر من عملية البناء». ويشير القادري إلى أن البناء قد أنشئ بالكامل، وأصبح جاهزاً للافتتاح وأن «المدرسة الثانوية قد أنشئت بمعايير عالية ونموذجية حتى أنها جُهّزت بمختبرات وبمصعد وبكل التجهيزات الضرورية كما، جرى تأمين كل الكادر التعليمي وتعيينه من مدير وناظر وأساتذة سيتولون إدارتها والتعليم فيها، ويُحضّر حالياً لافتتاحها ولتسليمها إلى وزارة التربية بعد عيد الفطر مباشرة».