صيدا ــ خالد الغربيوفي يوم العيد خلت ساحة بحر العيد في صيدا من روّادها، كذلك الكورنيش البحري، بسبب الأمطار التي هطلت من دون توقّف. وهذا ما جعل الحارات القديمة ملجأً للاطفال، الذين لم يجدوا بديلاً عنها يحتضن فرحتهم بالعيد، ويمكّنهم من اللعب.
فوّتت الأمطار الغزيرة التي هطلت في اليومين الماضيين، على أصحاب الأراجيح والألعاب المنصوبة في ساحة بحر العيد، في صيدا فرصة الاستفادة “بقرشين نظيفين كنا نمنّي النفس بهما” يقول محمد الحاج، الواقف أمام أرجوحة اعتاد نصبها خلال العيد. غصّة الرجل بدت واضحة في كلامه، يُتبعها بدعاء يناجي فيه ربه ليوقف المطر، فيقول: “لا اعتراض على حكمتك يا رب، بس أنت أخبر فينا وبوضعنا”.
كثر من أصحاب الأراجيح وباعة الألعاب والأسلحة البلاستيكية على البسطات التي نال منها المطر، بدأوا يندبون حظهم العاثر، وإن كان بعضهم لا يزال يأمل التعويض عما فاته في اليوم الأخير من العيد (اليوم). أمل لن يغيّر كثيراً بالنسبة إليهم: “ما خلص، اللي فات مات، موسم العيد ضُرب، إنه غضب الخالق وتمرد الطبيعة” يقول أحدهم.
الوضع ليس مختلفاً على طول الكورنيش البحري، حيث نُصبت الخيم لاستقبال الروّاد في العيد. فقد تطايرت بدورها جرّاء الرياح القوية، وتحوّلت إلى خرق ممزّقة ومتناثرة. “بدل الربح، لحقت بنا الخسارة” يقول محمود العلي، أحد أصحاب المقاهي الشعبية على الكورنيش القديم. هو ربّ أسرة تتكوّن من خمسة أطفال، كان يعمل على تجميع كراسي البلاستيك الخاصة به، التي قذفتها الرياح مسافة بعيدة عن موقع مقهاه.
غضب السماء دفع أطفال بحر العيد إلى الانكفاء داخل أحياء صيدا القديمة، وتحويل حاراتها إلى حارات يتزعّمونها، متسلّحين بأسلحة بلاستيكية من نوع “بارودة أبو شهاب”. وهذا ما دفع أحد الباعة إلى إلصاق إعلان على واجهة محلّه في المدينة القديمة يفيد عن وجود “بواريد” بلاستيكية باسم عدد من ممثلي مسلسل باب الحارة، حتى إن البنات اشترين بدورهن مسدسات من نوع مسدّس “أم جوزف”. ويؤكد أحد أصحاب محالّ بيع الألعاب نفاد كميات كبيرة من نوعية هذه الأسلحة البلاستيكية جرّاء إقبال الأولاد على شرائها بكثافة.
لكن على الرغم من الجوّ الماطر والعاصف، نجح العيد باستقطاب عدد من السيّاح الأجانب، الذين جالوا داخل الأحياء القديمة، وزاروا القلعة البحرية، التي كانت تضربها الأمواج. وها هي الفتاة الفرنسية “ماريونا دوفليبون”، التي كانت بصحبة فريق أوروبي سائح تستمتع بأكل “سندويش فلافل”. تقول عنه إنه رائع، بلغتها الفرنسية، نسمعها تكرّر “c’est bon”، فيجيبها صاحب المحل الذي ابتاعت منه ذلك “السندويش” “يا اختي هون بصيدا كل شي بون بون”!
وكانت الأمطار الغزيرة التي تساقطت قد حوّلت بعض شوارع صيدا وشرقها إلى مستنقعات، كما جرف تدفّق المياه الأتربة والحجارة، بحيث بدت بعض الشوارع أشبه بمنطقة فيضانات، فيما كان موج البحر يلطم الشاطئ بقوة.


باب الحارة مستمرّ

على الرغم من الانتقادات الكثيرة لمسلسل باب الحارة، التي جاءت خاتمته لتزيدها، بقي أبطال هذا المسلسل الرمضاني على ألسنة الأطفال، وحتى هواتف أهاليهم النقّالة. وكان اللافت لجوء الأطفال إلى إعادة تمثيل المسلسل في حارات صيدا القديمة، وبدا أن أطفال حارة الكنان (داخل صيدا القديمة)، كانوا متفوّقين على أترابهم في الحارات الأخرى، كحارة باب السرايا. تفوّق يؤكده “القائد الميداني” لهذه الحارة “العكيد منصور” الذي قال لنا بلهجة “القبضايات” “إنه دمّر كل الحارات”.