لم تشفع فرحة العيد لأهالي بيروت. ثمة أيادٍ خفيّة، تصرّ على العبث بأمنهم يومياً. شهد «المربع الأمني» المحيط بمنزل الرئيس المكلّف سعد الدين الحريري هرجاً ومرجاً، أول من أمس، انتهى بسقوط سيدة على الأرض، وإطلاق نار في الهواء. بدأ الأمر قبل الثامنة بقليل، بالتزامن مع حلول ساعات المساء الأولى. لم يكن الصراخ الذي ملأ الشارع نتيجة الاحتفالات بعيد الفطر. كان الصوت قوياً، وينذر بوجود عراك بين فريقين. خرج العشرات من المواطنين إلى شرفات منازلهم، كما تجري الأمور، على الطريقة اللبنانية، في الحالات المشابهة. ووفقاً لشهود عيان في المنطقة، فإن أحد رجال الأمن المولجين حماية القصر الحريري، كان يتلاسن مع أحد السكان. اشتدّ التلاسن بين الرجلين. بادر كلاهما إلى إطلاق سيل من الشتائم والعبارات النابية على مسمع الجميع. لكن الحادثة لم تتوقف عند هذا الحدّ، إذ شهر «مرافق الحريري» سلاحه الفردي وأطلق نحو ثلاثة عيارات نارية في الهواء، تبعاً لما أكّده الشاهد العيان، فدبّ الذعر والهلع في المنطقة. تتابعت فصول الحادثة. نزل أقارب الرجل، الذي كان رجل الأمن يصطدم به، إلى الشارع، محاولين الاعتراض، واستنكار إطلاق النار حول البيوت الآمنة. وفي هذه الأثناء، وعندما احتدم الخلاف مجدداً، شاهد الناس المتجمّعون في الشارع سيدة تقع أرضاً، وحضرت سيارة ونقلتها إلى المستشفى للمعالجة. كذلك حضرت إلى المكان دورية طوارئ من شرطة بيروت فوراً، ومجدداً، وقع خلاف بين عناصر الدورية من جهة وأحد الأهالي من جهة أخرى، ما وسّع دائرة التوتر. وفي خضمّ الحادثة، حضر أحد الضباط في النقطة الأمنية الخاصة بقصر قريطم، وخاطب المجتمعين صارخاً: «يلا لشوف كل واحد على بيتو»، «ما بدي شوف حدا بالشارع»، وأعطى الأوامر لرجال الأمن (كانوا باللباس المدني) بتوقيف أشخاص واقتيادهم في سيارات عسكرية إلى مراكز أمنية، علماً بأن عدداً من المواطنين رحّبوا بالضابط لحظة وصوله وردّدوا «حسبي الله ونعم الوكيل»، ولكن ما لبث أن حصل تدافع بين الشبان المتجمّعين وعناصر الأمن، ما أدى إلى فقدان الضابط الشاب السيطرة على أعصابه، واضطر إلى الصراخ في وجه الناس، ما أثار سخط بعضهم. وفي نهاية العراك، أمر الضابط بتمركز سيارة عسكرية فيها رجال من قوى الأمن الداخلي، مقابل المبنى الذي تقطن فيه أسرة الرجل الذي كان طرفاً في الخلاف مع رجل الأمن، في بداية الأمر، خشية ردة فعل الأهالي. في أول أيام العيد، ووفقاً لشهود عيان أيضاً، عبّر أكثر من شخص عن امتعاضهم من «المربعات الأمنية».
(الأخبار)