خالد سليمانوضع رئيس محكمة جنايات طرابلس سابقاً، القاضي جورج بديع كرم، مخالفةً لقرار عضوي المحكمة المستشارين عفاف يونس وربيع الحسامي في قضية قتل وسرقة وممارسة مثلية جنسية، في حادثة وقعت في الشمال قبل ستة أعوام. تتلخّص وقائع القضية، كما وردت في قرار محكمة الجنايات، بإقدام المتهمين فادي.ع ومحمد.ع على قتل المغدور توفيق .س بسلاح صيد، وذلك بعد تخديره بمادة “البنزكسول” التي وُضعت في كأس بيرة.
نفى المتهم فادي أمام محكمة الجنايات ارتكابه الجريمة، وقال إن اعترافه في التحقيق الأوّلي أمام فصيلة التبانة ومفرزة طرابلس القضائية بقتل المغدور بالاشتراك مع المتهم محمد.ع جاء نتيجة الضرب والعنف الذي تعرّض له، حسب ادعائه. لم تأحذ محكمة الجنايات شهادة المتهم بعين الاعتبار.
رأى الرئيس كرم في مخالفته أنْ لا دافع للجريمة لدى المتهم
من جهته، نفى المتهم الآخر، محمد، أمام المحكمة ارتكاب الجريمة بالاشتراك مع فادي، بينما كان قد اعترف بذلك أمام التحقيق الأوّليّ اعترافاً مفصّلاً ودقيقاً، كما نظّم إقراراً خطياً موقّعاً منه داخل سجن طرابلس، يعترف فيه بارتكاب الجريمة مع حسن د. ورأت محكمة الجنايات في هذه الإفادة محاباةً للمتهم فادي أو خوفاً منه.
أخيراً، أصدرت محكمة الجنايات قرارها في القضية، وقد خالف الرئيس كرم قرار الأغلبية، مدوّناً مخالفته الخطية على القرار.
كانت محكمة الجنايات بأكثرية أعضائها قضت على المتهمين فادي ومحمد بجناية القتل وحكمت عليهما بالسجن مع الأشغال الشاقة المؤقتة لمدة ثماني عشرة سنة، وأدانتهما بجنح 636 534 و130 (سرقة ومخدّرات)، وإدغام هذه العقوبات سنداً للمادة 205 عقوبات. وركّز القاضي كرم في مخالفته على وجوب إعلان براءة فادي، لعدم كفاية الأدلة وللشك لعدة أسباب، أبرزها أن الاعتراف المنسوب إلى المتهم خلال التحقيق الأوّلي لا يمثّل بذاته دليلاً قاطعاً وحاسماً على ارتكابه الجريمة (مستنداً إلى اجتهادات لمحكمة التمييز الجزائية)، بل يمثّل قرينة كبيرة ضده يقتضي تعزيزها بأدلة أخرى جاءت متناقضة مع الإقرار بل تنفيه وتزرع الشك في ذهن المحكمة.
أضاف الرئيس كرم في مخالفته أنْ لا دافع للجريمة لدى المتهم، فهو لم يكن مثلياً، ولم يكن على خلاف مع المغدور، كما أنه كان يوم الجريمة يعمل في محل شقيقه لنجارة الموبيليا، منتقداً اعتبار قرار الأكثرية وصف فعل المتهم بأنه جريمة قتل عمد لأنه معروف في الفقه والاجتهاد أنْ لا قتل عمداً من دون دافع للجريمة. كما استند كرم في تبرأته للمتهم فادي.ع إلى “عدم معرفة رجل الأمن الذي رافق المتهم فادي للدلالة إلى مكان وقوع الجريمة، إذ إنه عندما سألته المحكمة عنه لم يتذكّره، ولمّا طلبت منه أن يشير إلى المتهم الذي كان موجوداً في الدلالة أشار إلى المتهم الآخر محمد”.
أشار كرم إلى تعرّض المتهم فادي للضرب في خلال التقرير الطبي الذي نظّمه الطبيب الشرعي، الذي كشف على الإصابة الفطرية في أصابع المتهم. استند القاضي أيضاً في مخالفته لقرار الأكثرية إلى الكتّاب الموقّع من المتهم محمد في سجن طرابلس، مورداً مقتطفات منه في متن مخالفته، وفيه يعترف الأخير بأنه قتل المغدور لإرضاء المدعو “أبو عرب”، وأنْ لا علاقة للمتهم فادي بهذه الجريمة، خالصاً إلى إعلان براءة المتهم فادي من جناية القتل لعدم كفاية الدليل وللشك.