رامي زريقهناك اعتقاد سائد في عالم الجيوسياسة الشرق أوسطية مفاده أن حرباً حتمية ستقع قريباً بين إسرائيل والدول العربية بسبب ندرة المياه. فالمنطقة تعاني أزمة مياه فعلية تتفاقم يوماً بعد يوم بسبب الاحتباس الحراري. تكثر المقالات العلمية التي تتناول هذا الموضوع، كما يتزايد عدد الدراسات مثل تلك التي نشرها المعهد الدولي للتنمية المستدامة أخيراً تحت عنوان “ارتفاع الحرارة ـــــ ارتفاع التوتر: تغيّر المناخ وخطر الصراعات العنيفة في الشرق الأوسط»، الذي تناقله الإعلام العربي والأجنبي. إلّا أن قراءة موضوعية للمعطيات والوقائع تشير إلى عكس ذلك تماماً. فبالرغم من تناقص الموارد المائية في المنطقة، ومن سنوات الجفاف المتتالية، إلا أن الحرب المائية لن تقع. ذلك لأن الحرب بين العرب وإسرائيل قائمة أساساً، وإن كانت بعض الأنظمة العربية تحاول جهدها لإقناع شعوبها بأن لا مشكلة بين العرب والصهاينة، وبأن قضية فلسطين ستنتهي تلقائياً عند الاعتراف بحق المستعمر في سرقة الأرض وتشريد أهلها ونهب مواردها. في هذا السياق، لا مشكلة مياه بين إسرائيل والأنظمة العربية. فإسرائيل تستولي على ما تشاء من دون أن يسائلها أحد: ها هي مياه الأردن مسلوبة، ومعها مياه الجولان والحاصباني في جنوب لبنان والمياه الجوفية في الضفة الغربية. هل من يشتكي؟ هل من يعدّ نفسه للمعركة؟ هل نسمع طبول الحرب؟ كل ما نراه هو أنظمة تحاول جهدها لخنق مقاومتها للحفاظ على أمن إسرائيل.
إلا أنه قد يكون هناك سبب خفي وراء هذا التلويح الدائم بحتمية وقوع الحرب، وهو دفع العرب والصهاينة إلى طاولة مفاوضات يكون هدفها الأساسي تغيير وجهة الصراع من قضية مواجهة الاستعمار وإعادة حقوق الشعوب المغتصبة إلى عملية توزيع مياه في «حمام مقطوعة ميتو».