نقولا أبورجيليتختلف تسمياتها بين منطقة لبنانية وأخرى، وتُعرف بين أهالي القرى بأكلة «الزنكل» أو «الزطة»، بينما يطلق عليها البعض اسم «رصاص النبي». وعلى الرغم من انحسار طهوها في بعض المطابخ في الأرياف، فإن هذه الوجبة الغذائية الغنية بالمكوّنات الطبيعية تبقى محط اهتمام ربّات المنازل اللواتي ينصحن متذوق المطبخ التراثي اللبناني بتناولها، وذلك من خلال المواظبة على إتقان فن طهوها، نظراً إلى ما تحتويه من مغذّيات خالية من المواد الصناعية التي تزخر بها المأكولات الغربية المتنوّعة التي طرأت على المطبخ اللبناني الحديث.
طريقة طهو «الزنكل» ليست بالأمر المعقّد، توضح السيدة نجلا البيطار (75 عاماً). فمن أجل إطعام أسرة مؤلفة من خمسة أشخاص، كما تشرح البيطار، يكفي إعداد كمية 800 غرام من البرغل الناعم ووضعها في وعاء معدني و“نقعها»، أي إضافة كمية من المياه إليها وتركها لمدة ربع ساعة، ومن ثم مزجها بمقدار نصف كيلو غرام من طحين القمح، والعمل على خلط الكميتين بواسطة اليدين، لتصبح في وضع يسمح بتقسيمها قطعاً صغيرة وتدليكها وتدويرها لتأخذ حجم حبة الكرز تقريباً، تمهيداً لغليها مع «القليّة»، وهي كناية عن مرقة مكوّنة من البصل والزيت، يضاف إليها مقدار كوب من الحمّص أو العدس، وذلك بحسب رغبة أفراد الأسرة، يجري سلق حبيباتها بواسطة طنجرة الضغط الحديثة، كي لا تستغرق عملية الطهو وقتاً طويلاً، وبعد الانتهاء من إعداد هذه الكميات، تصبّ جميعها في طنجرة معدنية، توضع على نار هادئة فترةً تمتد بين 30 و45 دقيقة، ليصار بعدها إلى تقديمها على المائدة وجبةً ساخنة، يضاف إليها الملح وبهارات الفلفل كلّ بحسب ذوقه. أما عن محبّي طبخة «الزنكل باللبن»، فطريقة إعدادها مشابهة لما سلف ذكره، تضيف البيطار، بحيث تُضاف كميات من اللبن الممزوج ببضع حبات من الثوم بعد «هرسها»، أي تفتيتها، ومن أجل إضفاء نكهة ورائحة مميزتين على الوجبة، يفضّل رش فتات أوراق النعناع اليابس على وجه الأطباق الساخنة. أما عن كيفية تناول أكلة «الزطة»، كما درج أهالي القرية التي تنتمي إليها البيطار على تسميتها، فإن ذلك يكون إما بتناولها مع الخبز، أو من دونه بواسطة الملعقة، نظراً إلى احتواء مكوّناتها الأساسية على نتاج حبوب الحنطة من طحين وبرغل ناعم. ووصفت البيطار «الزنكل» بأكلة الفقير، التي يمكن إعدادها بتكاليف مادية زهيدة، تراوح بين 5 و7 الآف ليرة لبنانية حداً أقصى. هذا عدا تزيين المائدة بأنواع الخضروات من خسّ وخيار وقثّاء، يتوسطها صحن الزيتون، «شيخ السفرة»، كما تصفه السيدة، إذ يلازم طبخة «الزنكل».