شهدت جلسة التحقيق في قضية صلاح عز الدين تطورات مهمة، بلغ عدد الادّعاءات ضده 16 ادعاءً، ونُقل عنه وعده بالوفاء بديونه العام المقبل، واعتبر نفسه غير مفلس بل يعاني من أزمة مالية... التحقيقات مستمرة والجلسة الثالثة تعقد في 6 الشهر المقبل
محمد نزال
انتهت جلسة التحقيق الثانية، أمس، مع رجل الأعمال «المفلس» صلاح عزّ الدين وعدد من شركائه الموقوفين، ومنهم شريكه الأساسي يوسف فاعور. معطيات جديدة برزت في القضية، كان أهمها أن عدد المدّعين على عزّ الدين قد ارتفع إلى 16 ادعاءً، 12 منها قدمت أمس، حسب ما روى لـ «الأخبار» متابعون للقضية.
الجلسة أُقيمت في قصر العدل في بعبدا واستمرت نحو 8 ساعات، وقد اتسمت بـ«الجدية البالغة» من قبل قاضي التحقيق الأول في بعبدا جان فرنيني. حضر وكلاء المدّعين: المحامون إبراهيم الموسوي وعادل قانصوه وغالب دهيني، في مقابل وكيل المدّعى عليه المحامي علي العشّي.
لم يحسم عزّ الدين، أمس، حجم الدّين المترتب عليه، ولكن المعطيات أشارت إلى أنها تتراوح بين الـ200 والـ400 ألف دولار أميركي.
علمت «الأخبار» من المعنيين بالقضية، أن الادّعاءات الإضافية في حق عزّ الدين، تقدمت إلى قاضي التحقيق الأول عبر النيابة العامة المالية، وجاءت من ثلاثة أشقاء من آل بسمة، وذلك بخسارة مبلغ مليونين ونصف مليون دولار أميركي. ادّعاء من قبل عدد من آل زين بخسارة مبلغ مليون ونصف مليون دولار. ادّعاء من قبل أشخاص من آل قماطي بخسارة مبلغ مليون و600 ألف دولار، إضافة إلى ادّعاء غير محدد المبلغ من قبل مالكي سلسلة مطاعم «الجواد».
أنكر عزّ الدين جميع التهم الموجهة إليه، وهي الإفلاس الاحتيالي والاحتيال والشيكات بلا رصيد، إضافة إلى مخالفة قانون النقد والتسليف. اعترف المتهم بأنه لم يكن يملك أي برنامج عملي في المحاسبة، إنما فقط «مدقق حسابات». أصر على عدم نيته «إعلان الإفلاس»، معتبراً أنه «يعاني فقط من أزمة مالية متعثرة».
لم تكن ملامح المدّعين أمس، تدل على «حقد أو نية بالانتقام من عز الدين»، بحسب ما أكد بعض من حضروا الجلسة، وأضافوا إنهم لا ينسون «إيجابيات» الرجل عليهم، ولكنهم يريدون فقط تثبيت حقهم. من جهته، لم يتهرب المتهم من المدّعين. كان «واثقاً من نفسه». فأمل في إيفائهم جميع حقوقهم، وأنه على استعداد لتسديد جزء كبير من الديون المترتبة عليه للمودعين.
نُقل عن عزّ الدين قوله «يمكن أن أسدّد ما ترتّب عليّ من ديون عام 2010»
شعر الذين «ضيّعوا أموالهم» بالأمل من جديد، إزاء هذه المواقف المستجدة من عزّ الدين، نُقل عنه قوله «لديّ الآن مبلغ 100 مليون دولار أميركي، عبارة عن استثمارات وإيداعات في الخارج، ولكن لن أستطيع أن أحصل على أرباحها إلا عام 2010، وعندها يمكن أن أسدد ما ترتب عليّ من ديون». اعترافات أفاد بها عزّ الدين في التحقيق، بعدما لفت إلى أن تعثره المالي والتجاري بدأ في عام 2006 إثر الأزمات العالمية التي كانت تتعلق بأسعار النفط والحديد، وأنه خسر آنذاك مبلغ 100 مليون دولار أميركي دفعة واحدة. خسارة كانت بمثابة «كرة الثلج» التي أخذت تكبر مع الأيام، وكانت تكبر معها الخسائر، وبالتالي الديون المتعلقة في ذمته.
بدوره، لفت وكيل عزّ الدين المحامي علي العشّي إلى أن جلسة أمس «طرحت حلولاً لإمكانية تسوية القضية، علماً بأن التحقيقات لم تنته بعد والحديث عن أحكام في هذه المرحلة سابق لأوانه». وفي حديث له مع «الأخبار» أكد العشّي أن الرقم النهائي للخسائر «لا يمكن أن يُعرف إلا بعد أن تُشكل لجنة من الخبراء في هذا المجال»، وأضاف أن موكله «لم يتحدث في التحقيق إلا بما لديه، فإلى الآن ما زالت التحقيقات سريّة ونحن بانتظار استكمالها، وأنا واثق بأن القضاء سوف ينصف الجميع في النهاية».
من جهته، رفض المحامي غالب الدهيني، التحدث عن المبلغ الذي خسره في «استثمارات» عزّ الدين، فهو أحد الذين تقدموا بادّعاء ضده، أمس، بصفته الشخصية. وأشار الدهيني في حديث مع «الأخبار» إلى أن المتهم أفاد في التحقيق بأنه «لم يفلس، وبالتالي هناك توجّه لحل حبّي بين المدّعين والمدعى عليه بعد حصول تسويات معينة بينهم»، مضيفاً «كان واضحاً أمس أن هناك أثراً إيجابياً لعزّ الدين لدى المدّعين عليه، وكان الملاحظ عليهم أنهم يريدون تسوية أخوية خارج إطار المحاكمات، ففي نهاية الأمر هذا الأمر يمس مجتمعنا، ونحن لا نريد أن نفتعل فيه المشاكل، بل نريد المحافظة عليه».
سرد عزّ الدين أثناء التحقيق «قصة حياته التجارية الخارجية»، التي انطلقت من لبنان في عام 2000 لتمتد إلى آسيا الوسطى، العراق، إيران، الصين، اليابان، الإمارات العربية المتحدة، البحرين، كازاخستان، ناميبيا، تركمانستان، الجزائر، المغرب والسعودية.
توسعت تجارته في مجالات مختلفة: الماس، معادن، مواد غذائية. كذلك عمل في المقاولات والإنشاءات (تحديداً في دول الخليج)، الأحذية والجلود (في الصين)، النفط ومشتقاته (إيران). اكتشف بعض الحاضرين أن لعزّ الدين أعمالاً تجارية «غريبة»، هي عبارة عن استيراد «اللحوم والفراريج من البرازيل».
انتهت جلسة أمس من دون أن تنتهي التحقيقات، فحدد القاضي فرنيني موعداً لجلسة ثالثة في 6/10/2009 لمزيد من التحقيقات مع المدّعى عليهم، إضافة إلى استماع المزيد من إفادات المدّعين. تجدر الإشارة إلى أن المحامي أشرف الموسوي تقدم من النيابة العامة بطلب منع سفر عائلة عزّ الدين، كإجراء لـ«ضمان الحقوق»، علماً بأن معلومات ترددت سابقاً بين أوساط المتابعين، تشير إلى أن عائلة المتهم غادرت لبنان بعيد توقيفه.
وكانت القوى الأمنية قد أوقفت عزّ الدين مطلع الشهر الجاري، بعدما شاع خبر إفلاسه، وأحيل إلى المباحث الجنائية المركزية، للتحقيق معه من قبل النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا، حول العمليات الائتمانية والمالية التي كان يقوم بها. ثم ختم ميرزا التحقيقات من جانبه، وأحال عزّ الدين مع الملف إلى النيابة العامة المالية لإجراء المقتضى القانوني في حقه. بدوره، ادّعى النائب العام المالي بالتكليف في لبنان، القاضي فوزي أدهم على عزّ الدين وشركائه، بتاريخ 12 الجاري، وذلك في جرائم الاختلاس الاحتيالي وإعطاء شيكات من دون رصيد، إضافة إلى تعاطي المراباة ومخالفة قانون النقد والتسليف.


الإفلاس والاحتيال والعقوبات القانونية

تتحدث المادة 689 من قانون العقوبات عن الإفلاس الاحتيالي، فتنصّ على أنه «يعتبر مفلساً محتالاً ويُعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة حتى 7 سنوات، كل تاجر مفلس أخفى دفاتره أو اختلس أو بدد قسماً من ماله، أو اعترف مواضعة بديون غير متوجبة عليه، سواء في دفاتر أو صكوك رسمية أو عادية أو بموازنته». أما في ما خص «الاحتيال» فإن المادة 655 من القانون المذكور تنص على أن «كل من حمل الغير بالمناورات الاحتيالية على تسليمه مالاً منقولاً أو غير منقول، أو إسناداً تتضمن تعهداً أو إبراء أو منفعة واستولى عليها، يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات، وبالغرامة من مئة ألف إلى مليون ليرة لبنانية». أمّا عن تهمة «الشيك بدون مقابل»، فإن المادة 666 تنص على أنه «يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات، وبالغرامة من مليون إلى أربعة ملايين ليرة لبنانية، كل من أقدم على سحب شيك دون مؤونة سابقة ومعدّة للدفع، أو بمؤونة غير كافية. كذلك يُحكَم عليه بدفع قيمة الشيك، مضافاً إليه بدل العطل والضرر إذا اقتضى الأمر، وفي حال التكرار تطبق أيضاً إضافة عقوبات التكرار».