في الأشرفية، حيث دارت حرب الأيام المئة عام 1978، كرّمت مصلحة الطلاب في القوات اللبنانية، شهداء القوات الذين سقطوا في معاركها. هكذا تسنى لزوّار حديقة السيوفي مشاهدة صور المقاومة من وجهة نظر قواتية. إلى جانب التأريخ، عرضت ثمانية أفلام تناولت مراحل النشاط العسكري والاجتماعي للقوات
محمد محسن
على مدخل حديقة السيوفي في الأشرفية، تبرز صورة للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، تأريخ لاغتيال الشهيد معروف سعد، وصورة لأشكال بين أهالي الكحالة والفدائيين الفلسطينيين. في المربع ذاته، طيران الجيش اللبناني يقصف «البقع الأمنية الفلسطينية». هكذا، ستقرأ جزءاً من التاريخ القريب، بعيون القوات اللبنانية. «مقاومة دائمة في سبيل لبنان»، هو الشعار الذي اعتمدته مصلحة الطلاب في القوّات بالتعاون مع منسقية بيروت، لمعرضها الثاني عن «تاريخ المقاومة اللبنانية». أوّل من أمس، وتحديداً من الثالثة وحتى السابعة مساءً، كتب شباب القوات أرشيف أربعين سنة مضت، مستعينين بصور، نصبت على مقربة من لوحات تأريخية، تسرد أحداث الأعوام الماضية. في أربع ساعات هي مدة المعرض، كرّم القواتيون شهداءهم، ممّن «واجهوا التمدد السوري ومشروع الوطن البديل للفلسطينيين في لبنان».
في أحد أجزاء الحديقة، انتشرت لوحات تعرض الأخبار السياسية والعسكرية خلال العقود الماضية. أمّا ترجمة هذه الأخبار بالصور، فكانت تارةً بالألوان وتارةً بالأبيض والأسود، بحسب زمان الحدث الذي سجّلت فيه الصورة. بدأ التأريخ من عام 1968. في تلك الحقبة، المقاومة كما رسمتها القوات، كانت ضد عدوّين: الفدائيين الفلسطينيين واليسار اللبناني. على الرغم من ذلك، حضرت صورة الاعتداء الإسرائيلي على مطار بيروت الدولي. إلى جانبها أمكن مشاهدة صور العمل الفدائي الفلسطيني في لبنان، وحديث عن الحرب الأهلية في عام 1975. عرض لتدريبات عسكرية «أشرف عليها الشيخ بشير بنفسه»، تليها صور للدبابات السورية، ومقاتلي القوات اللبنانية.
على كثرتها، لم تنقل الصور المعروضة أو حتى سطور الأرشيف الإخباري، كل ما حصل في الحرب. هكذا، يستوقفك تجاهل الحديث، ولو بالإشارة، عن مجزرة صبرا وشاتيلا، كحدث تلى اغتيال رئيس الجمهورية الأسبق بشير الجميّل، وخلّف آلاف الضحايا. تسأل ما السبب؟ فيجيبك رئيس مصلحة الطلاب في القوات شربل عيد بأنّ المعرض مخصص «لعرض دور المقاومة اللبنانية وتخليد شهدائها». يضيف أنّ «صبرا وشاتيلا كانت ردّة فعل على اغتيال الشيخ بشير، والأشخاص الذين قاموا بها ليسوا من صميم مقاومتنا، وهم أبعدوا أنفسهم عنها».
على مقربة من اللوحة التي تتناول اغتيال الجميل ومحاكمة الشرتوني، صورة لجنود أميركيين يجرون مصاباً عنوانها «حزب الله يفجّر مقر السفارة الأميركية». تسأل من جديد: ما علاقة تفجير المارينز، الذي لم يتبنّه حزب الله رسمياً، بتاريخ المقاومة اللبنانية الذي تعرضه القوّات؟ يأتي الجواب بأنّها من باب عرض الأحداث والإضاءة عليها فقط. بعد ذلك، تستمر سلسلة الصور، لتعرض فصولاً من الأحداث السياسية التي تلت توقيع اتفاق الطائف، كسجن رئيس الهيئة التنفيذية في القوات سمير جعجع ومصالحة الجبل، هكذا، وصولاً إلى الاغتيالات والأحداث السياسية التي شهدها لبنان خلال السنوات الأربع الأخيرة. أمّا على مقاعد الحديقة، فانتشرت رسوم كاريكاتورية بريشة الرسام بيار صادق، إضافةً إلى أغلفة لأعداد من مجلة «المسيرة».
اقتصر عدد المشاركين على العشرات من جيران الحديقة. أما رسمياً، فقد حضر النائب نديم الجميّل قبل افتتاح المعرض بساعة تقريباً، وغادر على عجل، فيما افتتح النائب جورج عدوان المعرض عند الخامسة والنصف.


اختلاف في الآراء

يعرّف شربل عيد (الصورة) المقاومة بأنّها «فعل ضد كل من كان يريد أن يحتل لبنان وتحديداً السوري والفلسطيني». يظهر اختلافاً طفيفاً بين القواتيين، محوره المقاومة التي يمثّلها حزب الله، والعداء لإسرائيل. بالنسبة إلى روي فارس «إسرائيل دولة مثل باقي الدول، هم كبّروها. دائماً لبنان يفتري عليها». لكن ميشال أبو كرم يعتبر أنّ «المسيحيين هم أكثر من تأذوا من إسرائيل التي سببت حرب الجبل». يحترم ميشال شهداء الأحزاب التي قاومت إسرائيل، لكنّه يقطع بضرورة أن يسلّم حزب الله سلاحه إلى الجيش. استهجنت إحدى السيدات رأي ابنها غير المعادي لسوريا: «مش هني هجرونا وقتلونا يا ماما؟»، تستدرك وتضيف: «الله لا يعيد هيديك الأيام، تعبنا من الحروب والملاجئ. راحت عاللي ماتو».