بسام القنطارمثّلت ندوة المؤسسة اللبنانية للسلم الأهلي الدائم ومركز الكواكبي للتحولات الديموقراطية، التي عُقدت في فندق كومودور أمس، ذاكرة تاريخية للعديد من الذين عملوا للتمسك بمبدأ حرية تأسيس الجمعيات في لبنان.
الندوة التي حملت عنوان “حرية الجمعيات وتنمية المجتمع المدني” كانت بالنسبة إلى وزير الداخلية زياد بارود “هرباً من وجه الوزارة لأتنفّس الأوكسجين بينكم هنا”. أما النائب غسان مخيبر، فوصف تجربته في الدفاع عن مبدأ حرية الجمعيات في لبنان بأنها “تختصر قصة حياته بأكملها”.
المطلوب هو التدقيق في مالية الأحزاب لا تعديل القانون
بين عامَي 1990 ـــــ 2005 مرحلة تصفها الدراسة التي عُرضت في الندوة بأنها مرحلة “تدهور القواعد الحقوقية في حرية تأسيس الجمعيات”. وخلال هذه المرحلة خاض المحاميان بارود ومخيبر ومعهما عدد كبير من الناشطين الحقوقيين تجربة تقديم المراجعات القضائية لإبطال القرارات الصادرة عن وزارة الداخلية بحق الجمعيات، ومن ضمنها قرار برفض تسلّم أوراق جمعية عدل، التي لم يصدر العلم والخبر بتأسيسها إلّا منذ فترة شهرين فقط، لكنها عملت منذ أن قدّمت أوراقها بواسطة كاتب عدل في تحدٍّ صريح لإجراءات الوزارة التي وصفت في حينها بأنها تنطوي على تعديل جوهري لقانون الجمعيات العثماني لعام 1909، الذي لا يزال ساري المفعول حتى اليوم.
لذا، لا عجب في أن يعلن مخيبر أنه “بصدد الإعداد لحفل عيد الميلاد المئة لقانون الجمعيات في تشرين الثاني المقبل”. واصفاً القانون الذي تشوبه العديد من الثُّغر “بأنه أكثر ليبراليةً وعصرنةً من القوانين الحديثة”. ويوافق الوزير بارود على رأي النائب مخيبر، ويرى أن تعديل القانون في شقّه المتعلق بالأحزاب يحتاج إلى “خريطة طريق” لأنه يخشى أحياناً أن يضرب جديد التشريع قديمه، مثل قانون أصول المحاكمات الجزائية الذي أصيب بذلك في بعض الأحيان.
أضاف: “ليس مطروحاً تعديل قانون الأحزاب حالياً. المطلوب هو التدقيق في مالية الأحزاب السياسية. وأنا أقول إن هذا الأمر لن يسلك طريقه إلى مجلس النواب. إن بعض الأحزاب يعدّ تحركه مرتبطاً بالمال، وهذا لا يمكن ضبطه، وهذا ما رأيناه في الانتخابات النيابية، وفي العمل الاجتماعي”. وأدرف: “أنا هنا أتكلم باسمي، ولا أُلزم الحكومة، وأرى أن المطلوب هو وضع ضوابط للحياة الحزبية، ولكن ضمن إطار قانون 1909”.
تجدر الإشارة إلى أن الندوة تضمّنت مروحة واسعة من المداخلات، خلال ثلاث جلسات عمل، عرضت للواقع التشريعي للمجتمع المدني في لبنان، ولنتائج الدراسة الوطنية عن حرية الاجتماع، وحرية تأليف الجمعيات والنقابات والتوصيات التي خلصت إليها. كما تخلّل الندوة عرض لورقة عمل عن حالة المجتمع المدني في المنطقة العربية مع التركيز على التجارب الناجحة والعوائق المشتركة.