نظرت محكمة جنايات طرابلس في قضية تأليف أشخاص عصابة لفرض خوّات على السيارات والشاحنات. وقد أسقطت الحكم لأن “كتاب المعلومات” لم يتعزّز بدلائل
الشمال ــ خالد سليمان
أسقطت محكمة الجنايات في طرابلس ـــــ الغرفة الثانية المؤلّفة من الرئيس جان بصيبص وعضوية المستشارَين أحمد الحاج وسانيا نصر حكماً غيابياً على فلسطينيَّين من مخيم نهر البارد كانا قد أُدينا بالأشغال الشاقة المؤبدة بعد اتهامهما بتأليف عصابة لفرض الخوّات على السيارات والشاحنات على المدخل الجنوبي للمخيّم صيف عام 2003، معتبرةً أن “كتاب المعلومات لا يمثّل بحد ذاته دليلاً ثبوتياً (للإدانة) ما لم يتعزّز بأية معطيات حسية وملموسة تثبته وتؤكّده”.
بنتيجة المحاكمة الوجاهية، تبيّن أن قسم المباحث الجنائية الإقليمية أحال برقية على مفرزة حلبا القضائية مفادها إقدام أشخاص من بينهم المتهم محمد. ي على تأليف عصابة لفرض الخوّات على السيارات والشاحنات التي تهرّب الدخان والمازوت عند المدخل الجنوبي لمخيم نهر البارد، كما ورد كتاب معلومات صادر عن شعبة الخدمة والعمليات أُحيل على قيادة منطقة الشمال في قوى الأمن الداخلي مفاده أنه بتاريخ 11 آب 2003 سُمع إطلاق نار كثيف في مخيم نهر البارد، قرب مصب النهر وتجمّع مدارس الأونروا نتجت منه إصابة بعض المنازل والمحالّ، وأن مطلقي النار هم من عناصر العصابة، ومن بين الأسماء المذكورة في كتاب المعلومات اسم المتهم زاهي ر.
قد يتعسّف المخبرون في المعلومات من دون ضمانات بصحتها
التحقيقات الأوّلية التي أجرتها مفرزة استقصاء الشمال وفصيلة المنية ومفرزتا حلبا وزغرتا القضائيتان، إضافةً إلى إفادات المدّعين، توصلت إلى إثبات وقوع عملية إطلاق نار من جانب عناصر مسلحين “يحمون” أعمال التهريب عبر شاطئ مخيم البارد، ويفرضون خوّات على الشاحنات، وبين هؤلاء المتهم زاهي ر. وكان هؤلاء العناصر يطلقون النار باتجاه المنازل والمتاجر.
بعد الاستماع إلى المتهم محمد.ي، أهملت محكمة الجنايات هذه التحقيقات، وقد رأت أن برقية قسم المباحث الجنائية لم تتعزّز بأي دليل حسي وملموس يثبتها، وأن استثمارها من جانب مفرزة حلبا لم يستند إلى أيّة معطيات حسية يمكن الركون إليها بصورة تطمئنّ إليها قناعة المحكمة، كما أن المعلومات الواردة في البرقية وكتاب المعلومات لا يمثّلان بحد ذاتهما الدليل الثبوتي الذي يمكن قضاء الحكم الاستناد إليه، واعتماده دليل إدانة بحق المتهم ما لم يتعزز بمعطيات وواقائع مادية وحسية وملموسة.
قضت المحكمة بإعلان براءة المتهمين من التهم المنسوبة إليهما لعدم كفاية الدليل وللشك، وقرّرت إطلاق سراحهما.
كانت الأخبار قد نشرت في 27 آب 2008 (العدد 611) موضوعاً، جاء فيه أن “كتاب المعلومات”، وفق ما قال مسؤول أمني “يُبنى على ما تقوم به السلطات الأمنية (قوى أمن داخلي ـــــ أمن عام ـــــ استخبارات الجيش) من تحقيقات عن ارتكاب جرائم أو ما يردها من معلومات من المخبرين، وتحال هذه الكتب على النيابة العامة التي تقرّر التوسع في التحقيق أو تحفظ الملف». وفي ما يتعلق بقانونية التوقيف المبني على كتب المعلومات، قال المسؤول إن الأمر يجري تحت إشراف النيابات العامة، وهي التي تقرر التوقيف أو لا، مضيفاً إن “كتاب المعلومات مجرد معلومات عن ارتكاب أحد الأشخاص لجريمة ما”.
وعن دور المخبر، قال مسؤول أمني آخر إن كتب المعلومات تستند في أغلب الأحيان إلى ما يرد المراجع الأمنية من معلومات من المخبرين الذين قد يتعسّفون لدوافع سياسية أو طائفية أو أحياناً كيدية من دون أية ضمانات، مضيفاً إن «هناك ثغراً في قانون أصول المحاكمات الجزائية يجب العمل على تصحيحها».
وكان مسؤول قضائي قد قال لـ«الأخبار» إن ما يسمّى كتاب المعلومات غير منصوص عليه في قانون الأصول الجزائية، وهو مجرد إخبار يصل إلى الضابطة العدلية التي تتولى الاستقصاءات والتحقيقات بشأن صحة ما ورد في الكتاب، وتقرّر بعد ذلك إحالته على القضاء، ولا يمثّل بالضرورة منطلقاً لتحريك الدعوى العامة.