أتوا من كل المناطق اللبنانية ومن الأردن وسوريا وقبرص وفلسطين المحتلة. «عدة الشغل» بزق وعود وآلات موسيقية حديثة وألوان للرسم وكاميرات للتصوير وأصوات يتخطى بعضها مرحلة الموهبة. وفي مخيم الفنانين لاتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني حطوا رحالهم
رشا أبو زكي
كانت همة الشباب مضاعفة في المخيم الذي احتضنته «عرازيل» منتجع بيصور السياحي. فالكل يريد التمايز، والجميع يريد أن يعطي الأفضل خلال فعاليات المخيم الذي اختتم نهار الأحد. منذ الصباح الباكر، كان الجميع يستيقظون، توزّع سندويشات الفطور على المشاركين، وتنطلق حفلة لا تنتهي حتى منتصف الليل. تكتلات فنية ترسم ضفاف النهر، على المسرح «عصابة» غاضبة أبداً تتألف من جمال الأعور وأصدقائه، عزفهم الصاخب وأغانيهم الأجنبية الحديثة وشغبهم الفني أنتج أغنية جديدة بدأوا صياغة كلماتها فور وصولهم إلى المخيم. أما أمام المسرح، فـ«عشيرة» الطرب، تغني سهير صوان (اتحاد الشباب الديموقراطي السوري) بصوت يذهل المشاركين، ويسكتهم ليرافق الصمت صوتها حتى انتهاء الأغنية، وإذا بصوتي رزان ودينا يرتفعان، وبأغنية لفيروز وسيد درويش تعلنان بدء المنافسة... هناك، تحت خيمة من القش، تجلس «فرقة التخطيط السري». في تلك المجموعة، يقرّر جواد (سوريا) ووسام حيدر أن يخرجا فيلماً يكون المشاركون في المخيم أبطاله. «فكرة الفيلم تتناول انصياع الشباب لزعمائهم وتوجههم رأساً نحو الحرب الأهلية»، كما يشرح وسام. أما «مجموعة إعادة التأسيس» المؤلفة من عشرات أصحاب مواهب الرسم وبينهم ميكايللا (الشبيبة الشيوعية القبرصية) فتقرر أن تغير ألوان صخرة كبيرة تحيطها المياه في نهر بيصور، وتتحجج هذه المجموعة بأنها تقوم بذلك: «من دون قصد»، كما تؤكد مايا جلول، إلا أن لوحات الرسم التي غطت الصخرة كانت تخفي تحتها لوحة أخرى عبثية وبألوان غريبة عجيبة لتؤكد عكس المقال... في حفلة الجنون هذه، تتنقل «كاميرات استخبارية» ويقوم بالعمل غير السري كل من أحمد ترو وعمر خداج وماريا (قبرص)، أما مهمتهم فتوثيق كل لحظة من لحظات المخيم... وطبعاً التنافس على «الصورة الأجمل»!
60 شابة وشاباً في المخيم كان الفن لغتهم الجامعة، والتعلّم من الآخرين هدفهم، والوصول إلى أعمال مشتركة هو عصارة اجتماعهم، إذ تقول ديما منصور، إن مشاركتها في المخيم جاءت لأنه للفنانين، وخصوصاً أنه للفنانين الهواة وليس للمحترفين، «ما يساعدني للعمل أكثر على مواهبي في العزف على الناي والرقص التعبيري والرسم كلها في آن، إضافة إلى التعرف على رفاق من جميع المناطق اللبنانية وبلدان أخرى يملكون موهبتي أو مواهب في فنون أخرى، وبذلك، يمكن التوصل إلى إقامة أعمال مشتركة في المستقبل بعد إجراء التدريبات اللازمة» كما تؤكد. أما يوسف صفوان، فيشير إلى أنه «في بلدنا ليس هناك من يهتم بالمواهب الفنية، وبالتالي فإن المخيم كان فرصة للتعرف على عدد من الموهوبين، وعلى القيام بعمل فني جامع، كما أنه أتاح لي التفرغ خلال أسبوع كامل لممارسة هوايتي في التصوير، وسط أشخاص لديهم مواهب متعددة وأعمار فتيّة واعدة». أما ميساء سعيد التي تتخطى موهبتها عمرها الصغير (16عاماً)، فقد لفتت إلى أن مخيم الفنانيين كان مفيداً لها من نواح مختلفة، «فقد استطعت أن أعرف أخطائي وأحددها واستفدت من خبرة رسامين يعتبرون محترفين، كما أحببت روح التعاون، بحيث نتجت من المخيم لوحات رسمت بريشة أكثر من شخص وهذا قلما يحدث في الرسم».
أما المسؤول عن المخيم، علي بصل، فقد شرح أنه «في هذا البلد المأخوذ بأجواء الحرب والضرب، حيث يجتمع الشباب من الأطر التنظيمية المختلفة على وقع طبول الحرب في مواسمها، وعلى وقع موسيقى الرعب في أيام السلم، وفي زمن كثرت فيه المخيمات العسكرية، أصبحت كلمة مخيم تخيف جيراني فيسألونني «على شو عم تتدربو هالأيام؟»، في هذا الزمن بالذات نجد حاجة إلى طرح فكرنا النقيض للسائد لنظهره في السياسة والجامعة والثقافة والفن بكل أشكاله، ولهذا السبب كان مخيم الفنانين السنوي لاتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني الذي يحتضن منظمات يسارية عربية وأجنبية للتعارف والتنسيق والتعاون من أجل تقديم أعمال مشتركة تعبر عن الهوية الشبابية الساعية إلى تغيير المجتمع بسلاح الفن والثقافة».


وقفة
ضيوف المخيم


زار المخيم عدد من الفنانين، بينهم زياد أبو عبسة الذي تحدث عن المسرح، وبرهان علوية الذي عرض فيلمه «إليك أينما تكون»، ونقيب المصورين في لبنان جمال سعيدي، وكانت محاضرة للشاعر فادي نصر الدين، إضافة إلى مشاركة عازف العود سمير نصر الدين، والفنان الشاب ريان الهبر، والشاعر عماد ملاعب.


«وصلو عدنان والأرزة» تصرخ هبة، بينما تعلو الزغاريد! إذ لا يمر مخيم لاتحاد الشباب الديموقراطي من دون مشاركة الثنائي الداعم للشباب أرزة مروة وعدنان ضاهر، كلاهما يعتبران أن الحضور مع الشباب «واجب»، أما الاتحاديون فيعتبرونهما «المثال الأعلى»


بدأ المشاركون بترداد أغنية «تلفن عياش» بخيبة كبيرة، بعدما انتظروا طويلاً وصول الفنان زياد الرحباني إلى المخيم. فقد استفاقوا «قبل الضو» ليقوموا باللازم لاستقباله، إلا أنه اعتذر من قيادة المخيم من خلال شخص في مكتبه قبل ساعات من موعد وصوله!