فاتن الحاجيقارب عباس حب الله، المدير العام للهيئة الصحية الإسلامية، وباء أنفلونزا «أيه أتش 1 أن 1» بالقول: «هو التحدي الأكثر إثارة للجدل رغم مرور أشهر عدة على ظهوره. فالضبابية تلف النقاش وتطرح سؤالاً بشأن الثقة المهتزة بالنظام الصحي العام، الكفاءة العلمية التي تقدّم لنا المعلومات عن المرض وتحقيق الأمن من الاستغلال المادي الرخيص المستشري في مجتمعاتنا».
حب الله كان يتحدث أمام مندوبي أكثر من 120 مدرسة حضروا أمس إلى قرية الساحة للمشاركة في الورشة التدريبية الأولى عن طرق التعاطي مع الوباء في المدارس، البيئة الخصبة لانتشاره.
«شكراً أنفلونزا أيه أتش1 أن1 لأنّك كشفتِ لنا واقع الوقاية في بعض مدارسنا حيث لا مشارب مياه، لا صابون، لا محارم ورقية في المرافق الصحية»، تقول جمانة دياب، مسؤولة قسم الصحة والبيئة في مبرة الإمام الخوئي. يوافق الدكتور جاك مخباط، مدير الجمعية اللبنانية للأمراض الجرثومية، فيقول: «هذا ما لاحظناه فعلاً بالتواصل مع لجنة الصحة المدرسية في وزارة التربية، وهو أمر ينطبق أيضاً على المدارس الخاصة الكبيرة».
ضبابية في المعلومات وبحث عن الأمن من الاستغلال المادي
حاول مخباط بأسلوبه المبسط إزالة اللبس عن بعض المعلومات فجدّد أنّه «فيروس كريب» لم يطرأ حديثاً على الإنسانية. لكن عدم دقة الإحصاءات لجهة النسبة المرتفعة من الوفيات في المكسيك أثارت الذعر في كل مكان. وبعد استعراض تاريخي لأنواع الأنفلونزا التي شهدها العالم، قال: «دخلنا في المرحلة الجديدة كاليفورنيا 2009 وسنعيش مع هذا الفيروس 20 سنة، ما يعني أن مناعتنا ستكون أكبر السنة المقبلة». ويطمئن مخباط إلى أنّ «لا خوف على من يملك ذاكرة مناعية جيدة». لكنه يشدد على أهالي التلامذة دون 5 سنوات بضرورة أخذ لقاح الكريب الموسمي. كما يربط هذا الاستنفار في المدارس والتجمعات بالصحة العامة لا الشخصية، أي رصد عدد الأطفال والمعلمين والأطباء والممرضين والموظفين الذين سيتغيبون عن مراكز عملهم، الضغط على الجسم الطبي، حاجة المستشفيات للأدوية والأمصال وجهوزيتها لاستقبال المرضى. أما زياد منصور من منظمة الصحة العالمية فأوضح أنّ وزارة الصحة اللبنانية انتقلت من الحديث عن احتواء المرض إلى تخفيف مضاعفاته. «فالاحتواء كان كلاماً سياسياً مرتبطاً بالانتخابات النيابية والامتحانات الرسمية». وقال: «القطاع الخاص سيُدخل اللقاح (إلى لبنان) أشاء وزير الصحة أم لم يشأ، وإن كان الوزير يسعى مع مجلس الصحة العربي لتأمينه في تشرين الثاني المقبل». وأضاف: «بدأنا نشهد عالمياً ارتفاعاً في إصابات الأطفال حتى 6 سنوات وهذا ناتج من دخول المدارس. لذا نطلب من الإدارات في لبنان عدم استقبال أي طفل لديه حرارة، وخصوصاً أننا لا نتحمس لإقفال المدارس».
لكن نيبال رمال، مسؤولة دائرة البرامج والإرشاد في الهيئة الصحية الإسلامية تتحدث عن إهمال بعض الأمهات اللواتي يرسلن أولادهن ولو كانت حرارتهم مرتفعة إلى الحضانات، مكتفيات بإعطائهم «البنادول» لأنّهن منشغلات! لكن ماذا عن تفاعل التلامذة اليوم في الصفوف؟ تجيب: «الصغار لا يتفاعلون ويكررون ما يسمعون، أما الكبار فبدأوا يطبقون تلقائياً الإجراءات الوقائية».