من طلب العلا سهر الليالي. ومن طلبه في مجمع الحدث، انتقل من بيته الكبير إلى نصف غرفة في إحدى شقق حي الليلكي، أو إلى السكن الجامعي المكلف نسبياً
زينب صالح
ترتّب ريم حقيبتها عائدة إلى قريتها البقاعية، بعد أسبوع قضته في أحد مساكن الطلاب في الليلكي، من أجل امتحانات الدورة الثانية، وكلّفها 120 دولاراً، لأن «إدارة السكن الجامعي في مجمع رفيق الحريري ـــــ الحدث ـــــ أجبرتنا على إخلاء السكن من أجل لاعبي الماراتون الذين تستضيفهم»، كما تشرح، معلّقة «يعني الأجانب أحسن منّا».
رغم ذلك، تشيد ريم بالسكن الجامعي، فهو جميل وبناؤه جديد. إلا أن أكثر ما يزعجها هو بعده عن العالم الخارجي، إضافة إلى أنه لا يحوي تلفزيونات، ومطابخه تفتقر إلى أفران غاز، ما يضطرها وزملاءها إلى إحضار الطعام معهم كل أسبوع من قراهم لتسخينه في المايكرويف، وذلك لم يعد بالأمر السهل. فبعد مرور السنة الأولى على افتتاح السكن الجامعي، تعطّلت الكثير من الأجهزة، ورغم وجود موظفين في الإدارة يسهرون على راحة الطلاب، إلا أن تصليح الأعطال مرهون ببيروقراطية المناقصات، التي ينتظر الطلاب
السكن الجامعي يظلّ أفضل رغم مساوئه
طويلاً حتى بتّها. هناك مستوصف قرب الإدارة، لكنّه غير مجهّز بالعدّة اللازمة والأدوية في حالة حدوث طارئ، والصليب الأحمر لا يأتي إلا في الحالات التي لا يستطيع فيها الطالب الحركة. أما إذا كان مرضه عارضاً، فإنه لا أحد يحرّك ساكناً. قرب المستوصف ميني ماركت تحوي جميع ما يحتاج إليه الطلاب، لكنّ سعر البضائع فيها مرتفع، لذلك يفضّل الطلاب شراء ما يحتاجون إليه من الخارج طلباً للتوفير. أما إيجار الغرفة للشخص الواحد، فقد ارتفع هذا العام من 101 إلى 126 ألف ليرة، «نظراً إلى ارتفاع أسعار التكاليف» كما برّرت الإدارة. كذلك، هناك معايير كثيرة تؤخذ في الاعتبار من أجل قبول الطلبات أو رفضها، نظراً إلى محدودية عدد الغرف، منها بُعد محل الإقامة عن العاصمة، ونوع الاختصاص، وأولوية السكن للطلاب القدامى، والنجاح، «لأننا نريد السكن مناخاً لطلب العلم لا للسهر»، كما يقول المدير.
لتلك الأسباب، ولأن بوابة السكن تقفل عند الساعة الحادية عشرة طيلة أيام الأسبوع وعند منتصف الليل في أيام العطل، يفضّل الكثير من الطلاب السكن خارج حرم الجامعة في شقق لا تتمتع بالجودة نفسها. مها مثلاً، تعاني من رائحة المجارير التي تنبعث من الحمام في الشقة التي استأجرتها، ورغم ذلك، تفضّل البقاء فيها. وتشرح قائلة «لا أستطيع التقيّد بنظام معيّن، ولا أتحمّل الشعور بأنني في سجن». فسكنها لا يلزم شاغليه بقوانين، كما أنه يتيح زيارة الأهل والأصدقاء ساعة يشاؤون، بخلاف السكن الجامعي. زميلتها زهراء محظوظة، فهي لا تدفع سوى 60 ألفاً من ثمن الإيجار في بيت الطالبات، لأن بلدية قريتها تسدد الباقي، شرط ألا ترسب في موادها. أما سارة، التي لم تجد لها مكاناً في السكن ولا في غيره، العام الماضي، لأنها وصلت متأخرة، فقد اضطرت إلى استئجار شقة صغيرة مع زميلاتها، تصفها قائلة «نحن ثلاثة في الغرفة، المكان ضيّق والضجة كبيرة. نعاني من انقطاع الكهرباء المتواصل»، مردفة «يا ريتني بعدني فوق»، مشيرة إلى السكن الذي يبقى مضاءً 24 ساعة في اليوم، والذي تفضّله رغم «مساوئه»على أي مكان آخر «في الضاحية المحرومة»، بحسب تعبيرها.