ديما شريفمنذ ثلاثة أسابيع انفرط عقد سواري المفضل. فجأة دون سابق إنذار عندما كنت أهمّ بارتدائه للمرة التسعمئة وسبع وخمسين في يدي اليسرى، انقطع الخيط الذي يربط حبيباته معاً. هكذا تناثرت الحبيبات الخضراء والحمراء والسوداء على السجادة المجاورة لسريري وانتشرت على أرض غرفة نومي. ومن وقتها وأنا أتعثر بها كلما دخلت غرفتي أو نهضت من سريري صباحاً. وكلما دست على إحدى هذه الحبيبات حاولت إعادتها إلى مكانها الأصلي، أي حيث وقعت منذ ثلاثة أسابيع حفاظاً على روتينية المشهد داخل الغرفة.
كلّ يوم أعد نفسي بالتقاط الحبيبات ورميها أو على الأقل الاحتفاظ بها في مكان ما، على أمل «إعادة إعمار» السوار واستخدامه من جديد. لكن لا أمل. ينتهي اليوم ويأتي يوم جديد والحبيبات لا تزال في مكانها، على الأرض. في غرفتي في العمل، الوضع مماثل منذ ثلاثة أسابيع. إذ اجتاحت مكتبي كميات هائلة من الأوراق تطلبتها الظروف الانتقالية للمرحلة الراهنة. أصبحت لا أستطيع الوصول إلى هاتفي أو علبة المحارم أو المفكرة دون الغطس داخل الأوراق التي لا لزوم لها على الإطلاق. وكلّ مرة أعيد هذه الأوراق إلى مكانها، مبعثرة وبعضها فوق بعض متحدية هوسي الكبير في الترتيب. لا أنوي ترتيب الأوراق ورميها في القريب العاجل، فذلك سيعني أنّي باقية هنا. في هذا المكان تحديداً، في هذه البقعة بالذات، تحت المكيف، بين الجدران الأربعة الصغيرة هذه، قرب كوة في الجدار، أطلق عليها أحدهم تسمية نافذة.
أنا باقية هنا. أعرف ذلك. لكن ليس إلى الأبد. قد أبقى يوماً، ثلاثة أيام، خمسة أسابيع أو سبع سنوات، لا أدري بالضبط. لكنني لن أرحل غداً. لكن ما دام مكتبي «مكركباً» أستطيع الضحك على نفسي والقول إنّ الزيارة مؤقتة. مؤقتة جداً.