علاء المولى *رحّب البعض بلهجة لا تخلو من السرور والآمال الكبيرة، والبعض الآخر كان أكثر تحفظاً؛ فللبيك استداراته العديدة التي يتفوق فيها أحياناً... حتى على نفسه!
لكن الشعور السائد أننا قد نكون أمام مرحلة جديدة يحاول فيها وليد كمال جنبلاط أن يستعيد تجربة الحركة الوطنية ولو بأسلوب مختلف.
في واقع الأمر، تمثّل عودة الحزب التقدمي الاشتراكي إلى أصالته الفكرية والسياسية دعماً جدياً لا يُستهان به للقوى اليسارية والتقدمية في لبنان، لا بل للمشروع الوطني الديموقراطي الذي تبلورت معالمه، وخصوصاً من خلال التجربة المميزة والفريدة من التحالف بين الحزب الشيوعي اللبناني والحزب الاشتراكي.
ومع أنه من المبكر التكهن بمآل الأمور، تبدو الاستدارة الجنبلاطية متجهة نحو إحياء «جبهة وطنية قومية»، تضم مختلف مكونات فريق 8 آذار من غير الفريق الشيعي، وتستهدف ملاقاة الجديد الإقليمي، أكثر من كونها استدارة نحو بناء حركة يسارية تقدمية، رغم الإشارات التي أطلقها جنبلاط نحو الحزب الشيوعي الذي رأى أنه «حافظ على ثوابته رغم الخسائر».
لم يتأكد بعد أن جنبلاط قد اقتنع مجدداً بأن تغيير النظام مستحيل من خلال قوى لا تريد سوى تحسين موقعها فيه، أو أنه أدرك أن التركيز على الأولوية الوطنية والقومية لا يتطلب بالضرورة تماهياً مع السائد تبريراً للمعركة الكبرى... لكنه قد يفاجئنا جميعاً إذا ما تبين أنه قد تجاوز من خلال تجربته العملية الوقت اللازم للاستنتاجات الآنفة الذكر واستقر عندها في نقطة لا تبعد في جوهرها عما دافع عنه حليفه السابق، الحزب الشيوعي اللبناني، رغم الأثمان غير القليلة التي دفعها للحفاظ على «موقف» يساري أصيل ومتميز لا يمكن بدونه بناء «موقع» لليسار في الصراع الداخلي والإقليمي.
بعض هذه الأثمان، وخصوصاً الأكثر إيذاءً، كان على يد وليد جنبلاط نفسه. فهل يصلح «الرفيق» ما أفسده «البيك» ويداوي بيديه ما علق من جروح، أم أن الأمر كله لا يعنيه من أصله؟
أغلب الظن أن الشيوعيين لا ينتظرون أقل من ذلك قبل البحث في إعادة توطيد العلاقات، وهو ما لا يمكن أن يجري بمعزل عن بقية ألوان الطيف اليساري اللبناني الذي بقي ملتفاً حول الحزب الشيوعي اللبناني إبان عهد «الخيانة الاشتراكية»!
لذلك سيكون مفهوماً ومبرراً أن يتمهل الشيوعيون، وخصوصاً قيادتهم، في الالتحاق بموجة الترحيب العارم التي عبر عنها حلفاء دمشق خصوصاً (وهذا توصيف غير اتهامي)، كما سيكون مطلوباً أن يظهر الحزب التقدمي الاشتراكي كيف سيترجم مواقف رئيسه، وخصوصاً تلك المطعمة بنكهة يسارية. على غير طريقة الاعتداء بالضرب التي قام بها عناصره منذ ايام قليلة ضد مسؤؤل شيوعي في الجبل!
وبانتظار ذلك، لا مانع من الانشراح باحتمال اكتساب اليسار أحد رموزه السابقين عله يهدي يساريين آخرين، آملين هذه المرة أن يجري التنبه إلى أن البيوت تدخل من أبوابها لا من نوافذها!
* عضو اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي