زغرتا ــ فريد بو فرنسيسلم تكن حالات التسمم التي سجلتها أخيراً إدارة قسم الطوارئ في مركز الشمال الاستشفائي في مدينة زغرتا آتية من القضاء فقط، بل تعدته إلى أقضية أخرى مجاورة مثل قضاءي الكورة وطرابلس. وبدا بوضوح أن السبب الرئيس الذي أدى إلى التسمم هو الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي عن المنازل والمحال التجارية في ظل حرارة الصيف المرتفعة هذا العام، التي حملت معها بعض الأمراض التي تكثر عادة في هذا الموسم، وأهمها أمراض تتعلق بالجهاز الهضمي، مثل النزلات المعوية التي تتمثل أعراضها في الإسهال والتقيؤ والحمى، وتكون عادة ناتجة من حالات التسمم الغذائي نتيجة ذوبان الثلوج عن الأطعمة في البرادات، ومحال البوظة والمثلجات، ومن ثم تعود لتتجمد مع عودة التيار الكهربائي.
انقطاع التيار سبب ذوبان الأطعمة المثلجة ثم تعود لتتجمد بعودته
في منطقة السويدات، في بلدة كفردلاقوس في قضاء زغرتا، لم تكن أليكس حافظ، الصبية ذات السبعة عشر ربيعاً، تعلم أن سيارة الإسعاف التي توقفت عند الواحدة والنصف ليلاً قبالة المبنى الذي تسكن فيه، جاءت لتنقل والدتها نيكول إلى المستشفى بعدما أصيبت بحالة تسمم استوجبت نقلها إلى المستشفى. هرعت الصبية من منزل الجيران في المبنى المقابل حيث كانت تسهر مع أصدقاء لها، مذعورة حافية القدمين باتجاه سيارة الإسعاف علها تعرف ما الذي أصاب والدتها، فكانت كلمات قليلة بين الفتاة والوالدة التي كانت تتحدث بصعوبة مع ابنتها نتيحة ألم حاد في البطن أدى إلى تقيؤ متكرر، فطمأنها طاقم الصليب الأحمر بقولهم «لا تخافي، فوالدتك هي المصابة الرقم عشرة التي ننقلها هذا اليوم إلى المستشفى، ويبدو أنها لن تكون حالة التسمم الأخيرة».
في الطوارئ كانت الحالة طبيعية وغير مقلقة بالنسبة إلى الجهاز الطبي الموجود، فهو يعرف تماماً ما يجري، الدواء كان جاهزاً وكذلك حقنة المصل «إنها ليست الحالة الأولى التي تُعالج اليوم»، يوضح الدكتور ربيع فياض رئيس الفريق الطبي في قسم الطوارئ، مؤكداً أن الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي، والحرارة المرتفعة التي تشهدها المناطق الساحلية هذه الفترة، يؤديان إلى تلوث الطعام داخل البرادات، وخاصة في المنازل التي تنقطع عنها الكهرباء باستمرار، وقد تكون البوظة أحياناً في المحال التجارية التي ليس فيها كهرباء على مدار الساعة عرضة للذوبان، لتعود وتتجمد مجدداً محدثة تلوثاً بالبكتيريا، إذا أكل منها الشخص فسوف تظهر عليه أعراض مرضية مثل حالات إسهال وتقيؤ، ومرات يُسجل ارتفاع في درجة الحرارة، أو ضعف عام في الجسم، فيظن الشخص للوهلة الأولى أنها مجرد حالة «أنفلونزا»، بينما هي بالفعل حالة تسمم غذائي تستمر أعراضها يومين أو ثلاثة».
ويحذر د. فياض، من أن تكرار حدوث حالات التسمم الغذائي قد يكون قاتلاً لكبار السن والأطفال الذين تنقصهم المناعة الكافية لمواجهته «عندها نضطر إلى إبقائهم في المستشفى لمدة يوم أو يومين ريثما يتحسن وضعهم، أما معظم المصابين فهم يمكثون في الطوارئ لمدة ساعة على الأكثر ريثما تنتهي حقنة المصل ويبدأ مفعول الدواء، عندها نطمئن على صحة المريض ونأذن له بالذهاب إلى المنزل ليرتاح».