وقع خلاف أول من أمس (السبت)، بين عدد من أبناء بلدة عرسال (قضاء بعلبك)، وبعض أهالي البلدات السورية المحاذية للحدود اللبنانية. الخلاف تطوّر وأدى الى تبادل لإطلاق النار سبّب مقتل الشاب أحمد حسن الحجيري (20 عاماً ) ورجل من بلدة معرة السورية
البقاع ــ نقولا أبو رجيلي
لم تكن صباحات عرسال تحمل، في الفترة الأخيرة، أخباراً سيئة رغم التوترات التي عاشتها البلدة في السنوات الأخيرة. أول من أمس عاد الحزن والقالق ليلفا البلدة، وذلك إثر خلاف على ملكية الأراضي بين الشاب أحمد الحجيري وسكان بلدة سورية، جرى خلاله تبادل إطلاق النار، ما أدى إلى وفاة الحجيري ورجل سوري.
مختار بلدة عرسال سعد الدين كرنبي وضع الحادث في إطار فردي، سببه نزاع على ملكية واستثمار أراض وخلافات مالية بين طرفي الخلاف. وفي اتصال هاتفي قال المختار لـ«الأخبار» إن مشادّة كلامية وقعت بين الحجيري وأشخاص من بلدة معرة رأس يبرود السورية في منزلهم، وإن الشاب اللبناني قُُتل بعدما أطلق النار ما أدى الى مقتل صاحب المنزل وإصابة زوجته وأولاده وآخرين بجروح.
روى مسؤول أمني لـ«الأخبار» أن مقتل الحجيري وتفاقم الوضع، استدعى تدخّل قوة من الجيش، وأضاف أن هذه القوة تعرضت لإطلاق نار كثيف، مصدره المسلحون من الجانب السوري الذين لاذوا بعد فترة قصيرة بالفرار باتجاه الأراضي السورية، وذلك بعد انتشار وحدات من فوج المغاوير في الجيش في المنطقة.
مختار عرسال أكد أن الوضع عاد الى طبيعته بعد انتشار الجيش والقوى الأمنية بكثافة في بلدته والمناطق الجبلية المحيطة بها، ولفت كرنبي إلى أن أهالي عرسال والبلدة السورية يعملون على تطويق الحادثة، وسيقوم الطرفان بتهدئة النفوس بالتعاون مع القوى الأمنية والعسكرية اللبنانية والسورية، مناشداً «الجميع بذل أقصى الجهود للحفاظ على حسن الجوار وتمتين العلاقات بين أبناء بلدة عرسال وسكان القرى السورية المجاورة».
حادثة مقتل الحجيري والرجل السوري ليست الأولى، فالعشرات من أبناء القرى على طرفي الحدود كانوا قد سقطوا قتلى وجرحى، إما ضحايا نتيجة النزاعات المتكررة على أحقية الفلاحين باستثمار الأراضي الزراعية المتداخلة بين البلدين، وذلك في أكثر من منطقة على طول خط الحدود الجغرافية بين البلدين، أو لأسباب تتعلق بمكافحة التهريب بكل أنواعه، هذا عدا عن التوترات الأمنية التي كانت وما تزال تشهدها هذه المناطق بين فترة وأخرى، يعود معظمها الى خلافات مالية وتنافسية تحصل بين المهربين أنفسهم. هذه الصورة القاتمة تزيد من سوء الوضع الاقتصادي والتنموي في عرسال التي تعاني من الفقر والإهمال المزمن والتي لم تهتم الحكومات اللبنانية المتعاقبة بمطالب أهلها.
مسؤول أمني رفيع أوضح لـ«الأخبار» أن الحادث لم يخرج عن إطاره الفردي، ولا سيما أن الوضع عاد الى طبيعته بعد انتشار الجيش والقوى الأمنية في محيط المنطقة التي شهدت توتراً أمنياً، وكرر المسؤول ما رواه مختار البلدة بأن الخلاف بدأ بعد حصول مشادة كلامية بين أشخاص من بلدة عرسال وآخرين من سكان بلدة المعرة السورية، على خلفية استثمار قطعة أرض تقع من ضمن الأراضي الزراعية المتداخلة والمتنازع عليها بين حدود البلدتين، تطوّر الخلاف الى تبادل لإطلاق النار. ورأى المسؤول الأمني أنه لا يمكن بناء الاستنتاجات وتحديد المسؤوليات، إلا بعد مراجعة السلطات السورية والاستماع الى توصلت إليه التحقيقات من جانبها، وذلك سيتم عند عقد أول لقاء تعقده لجنة الارتباط الأمنية اللبنانية السورية المشتركة التي تجتمع دورياً واستثنائياً عند الحاجة.


تاريخ من النزاعات... والقرابة

بداية مسلسل النزاع على ملكية الأراضي المتداخلة بين الفلاحين من أبناء بلدة عرسال وأهالي القرى الحدودية السورية، يعود تاريخه الى منتصف خمسينيات القرن الماضي. رغم تأليف لجان مشتركة من سوريا ولبنان قوامها مسؤولون إداريون وأمنيون ومهندسون، وعقد العشرات من الاجتماعات، لم يتم التوصل إلى حلول جذرية للخلافات على الأراضي، وذلك من خلال ترسيم الحدود نهائياً، ووضع حدّ لسقوط المزيد من الضحايا بين أبناء القرى على طرفي الحدود. ويُشار إلى أن أواصر القربى والنسب تجمع أهالي عرسال وجيرانهم السوريين، بالإضافة الى المصالح الاجتماعية والاقتصادية المشتركة، مع الإشارة الى أن معالجة الخلافات السابقة، كانت تتم على الطريقة العشائرية، بالتعاون مع السلطات الأمنية والعسكرية في البلدين.