جبيل ــ جوانّا عازاربات بإمكان المواطنين والموظّفين التنعّم بالسونا مجاناً في الجهة اليمنى من الطابق الأوّل في سرايا جبيل، بسبب الازدحام الذي يسبّبه وجود ثلاث دوائر للدولة اللّبنانيّة: محتسبيّة جبيل، دائرة النفوس ومحكمة جبيل في المكان.
هناك، يعاني الموظّفون والمواطنون على حد سواء، الأمرّين. هذا ما تكشفه جولة على الدوائر الثلاث، تُبرز بالدرجة الأولى قلّة العناية والاهتمام بالمكان بدءاً بالنظافة، إذ يغيب التنظيف الدوريّ الرسميّ للمكاتب والأروقة باستثناء إفراغ سلات المهملات من المكاتب، فيما يبدو واضحاً افتقار زجاج النوافذ وبلاط الأرض إلى المياه. واللافت أيضاً أنّ موظّفي الدوائر، إضافةً إلى المواطنين، يستعملون حمّاماً واحداً يتيماً، تغيب عنه كلّ شروط الصحّة العامّة، وتفوح منه الروائح الكريهة ما يجنّب الموظّفين استعماله.
حتى في الأمور المتعلقة بسير العمل، تلفت الطريقة المعتمدة في تخزين الملفّات، التي يتجاوز عمر بعضها خمسين سنة. إذ تجدها موزّعة على خزانات داخل المكاتب وخارجها، أي في الأروقة العامّة، ما قد يعرّضها للتلف، وخصوصاً أن المكاتب لا تكاد تتسّع للموظّفين فكيف بالحريّ للملفّات. ففي دائرة النفوس، على سبيل المثال، تخزّن آلاف الأوراق والملّفات في كراتين عائدة إلى ماركات صبغات الشعر وأنواع الحليب وأدوات التنظيف والشوكولاته. هذا الوضع قائم منذ فترة طويلة في المكان، من دون حسيب أو رقيب لتأهيل المكان وفكّ أسر الملفّات وتحرير الموظّفين من عبئها، وخصوصا أنّها تتوزّع على كلّ شبر وزاوية من المكاتب، التي لم تشهد أي تغيير منذ عقود. هذا وتنتظر الدوائر الثلاث على أحرّ من الجمر تزويدها بنظام أرشيف متطوّر يسمح بأرشفة الوثائق الأصليّة فيها، لتعطى النسخ طبق الأصل إلى المواطنين.
الوضع لا يختلف كثيراً في مكاتب محكمة جبيل. هنا، عدد الخزانات أكبر، كذلك عدد الكراتين والمكاتب. إذ تغزو المكان 16 خزانة حديد يصيب الاهتراء عدداً كبيراً منها، فيما تقبع الملفّات والأوراق الحقوقيّة في الكراتين بانتظار تنفيذ «مشروع تأهيل وتجهيز مبنى سرايا جبيل ومحكمة الدرجة الأولى فيه». هذا المشروع رُفع في 17 آذار 2001 إلى رئيس مجلس الوزراء، وقدّم إلى كلّ المراجع الحكوميّة والإدارية والقضائية بمن فيهم وزيرا العدل سمير الجسر وبهيج طبارة، إضافةً إلى مجلس القضاء الأعلى والرئيس الأول لمحكمة الاستئناف في جبل لبنان آنذاك وهو تحت عنوان: «محكمة الدرجة الأولى في جبيل وتأهيل سرايا جبيل». ويطالب المشروع الدولة بتأهيل مبنى سرايا جبيل، وتخصيص الطبقة الأولى منه بالكامل لمحكمة الدرجة الأولى، والثانية للقائمقامية، مع إعادة النظر في توزيع سائر الدوائر والمصالح. إضافةً إلى تخصيص موقع لكافيتريا كبيرة تستثمَر وتؤجَّر في المزاد العلني دورياً، ويطالب المشروع بتركيب مصعدين وسقف قرميد مع قاعدة هوائيات، وإحاطة السرايا بسور حجري وحديدي شبيه بسور قصر العدل في بيروت، وتخصيص مكان لحارس دركي على مدخليها.
ويقترح المشروع تخصيص الطبقة الأرضية بالكامل لقوى الأمن، والطبقة الأولى لمحكمة الدرجة الأولى. على أن تخصّص الطبقة الثانية من السرايا لقائمقامية جبيل ودوائر إدارية أخرى، وتعود الطبقة الثالثة لأمن الدولة والأمن العام. هذا المشروع ظلّ حتّى الساعة حبراً على ورق، على الرغم من ذلك لا يملّ الموظّفون من انتظار التغيير المنشود... انتظار يجعلهم يتمنّون سماع أصواتهم، وخصوصاً أنهم مقتنعون بالمثل الشعبي: «إذا ما صرّخ الولد، أمّو ما بتطعميه».


كهرباء الدولة أو الاشتراك

تغيب وسائل التكييف والتدفئة عن هذه الدوائر تماماً، وهي إذا وُجدت تكون بمبادرة فردية من الموظفين ومن رواتبهم، من دون أن يعني ذلك إمكان استخدامها. ففي المكتب الرئيسي لدائرة النفوس مكيّف واحد يضطر الموظفون إلى إطفائه عندما يكون مولّد الكهرباء هو ما يمدّ الدوائر بالطاقة، وذلك كي لا «تطقّ الساعة»، وخصوصاً إذا دعت الحاجة إلى استعمال آلة التصوير في الوقت عينه.
ويؤثر الانقطاع المتكرّر مباشرةً في العمل. ذلك أن قوة الطاقة التي يوفّرها الاشتراك في المولّد الكهربائي لا تكفي أجهزة الكمبيوتر، ما قد يسبّب تعطيلها، إضافةً إلى أن هذا الأمر يسبّب تأخيراً في إنجاز المعاملات وتسجيلها.