فاتن الحاجفاجأ أمس غياب وزارة التربية والتعليم العالي عن ندوة المعايير الدنيا للتعليم في حالات الطوارئ والأزمات، المنظّمين في مكتب اليونسكو الإقليمي في بيروت والمجلس النروجي للّاجئين. لكن حجازي إدريس، الاختصاصي الإقليمي للتعليم الأساسي في اليونسكو، أكد في حديث لـ«الأخبار» أنّ خلاصات الندوة ستُنقل إلى الوزارة لمناقشتها، إذ لا يمكن المنظمة الدولية القيام بأي مبادرة من دون إشراك الحكومة المحلية. وهذا ما تفعله اليونسكو اليوم في مشروع الدعم النفسي الاجتماعي المستمر للفئات المتأثرة بالأزمات، ولا سيما اللاجئين الفلسطينيين والعراقيين في لبنان، والمهمّشين في مناطق بعلبك والبقاع والجنوب.
أما ما كشفه الدكتور عبد المنعم عثمان، المدير الإقليمي لليونسكو، فمثير للتوقف عنده، وهو أنّ حرب تموز 2006 أظهرت أنّ «نظمنا التعليمية العربية غير معدّة لتقديم تعليم جيد إلى الجميع وتحت أي ظروف». وقال: «لمسنا في لبنان غياب التخطيط السليم من الجانب الحكومي والعمل العشوائي من الجميع بمن فيهم هيئات المجتمع المدني أثناء الأزمة، وفي مرحلة إعادة الإعمار». لذا استفاد مكتب اليونسكو، كما قال عثمان، من الدروس، ويعمل حالياً على إعداد برامج تدريبية للمعلمين والعاملين في هذا المجال ستنطلق بعد عيد الفطر.
كذلك استقدم المكتب، منذ نحو سنة، كما يقول إدريس، إلى لبنان الخبير النروجي في حالات الطوارئ هيلجي بروشمان من أجل مساعدة القطاع التربوي اللبناني على وضع خطة لحالات الكوارث، «لكننا لا نزال في بداية «المشوار» لتكييف المعايير العالمية مع السياق المحلي».
ما هي هذه المعايير وما هو الوضع القانوني للكتيّب الذي أنتجته الشبكة المشتركة للتعليم في حالات الطوارئ؟
«ليس هناك وضع قانوني رسمي لهذه المعايير»، يجيب بروشمان، لكنها باتت معايير عالمية تُستخدم في مختلف حالات النزاع والكوارث الطبيعية والأزمات السياسية. كما يوفّر الكتيّب إرشاداً بشأن كيفية استجابة الحكومات الوطنية وغيرها من السلطات والوكالات الوطنية والدولية لإنشاء برامج تعليمية في حالات الطوارئ. وقد صُمّمت المعايير كي تستخدمها الجماعات المحلية والعاملون في المجال الإنساني لتلبية الاحتياجات التعليمية المحلية.
لكن الإرشادات بدت عامة وغامضة بالنسبة إلى المنتدين لعدم قابليتها للتطبيق كما تقول إحدى الحاضرات، «فنحن لا نعرف مثلاً من هم المدرّسون الذين يعلّمون في حالات الطوارئ، وما هي مؤهّلاتهم، هل هم متطوعون أم يتقاضون أجراً معيناً، وما هو عدد المدارس التي تُستخدم في هذا المجال، وماذا عن عدد التلامذة المفترض وجودهم في الصف الواحد؟». كل هذه التفاصيل غير واردة في كتيّب المعايير، كما تقول. وتضيف: «في لبنان هناك مسائل تتخطى الطوارئ، منها النزاعات الحادة غير المتوقعة، فماذا نفعل في هذه الحالة؟».
«من الصعب وضع معايير كمية تتناسب مع حالات كل الدول وظروفها»، يعلّق بروشمان. ويردف: «الكتيّب عبارة عن خارطة طريق ولا يتضمّن أرقاماً أو إرشادات ملموسة، فالتفصيل سيكون من مهمة لجان التنسيق المحلية المطالَبة بوضع معايير وطنية تتناسب ونوع الظروف التي يواجهها البلد ذاته».
أما المعايير العالمية فوضعتها الشبكة المشتركة لوكالات التعليم في حالات الطوارئ، وهي شبكة مفتوحة من وكالات تابعة للأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية وجهات مانحة للمساعدات ومهنيين وباحثين وأفراد متضررين من الكوارث. ويعمل هؤلاء من أجل تأمين حق التعليم في حالات الطوارئ وإعادة البناء في مراحل ما بعد النزاعات.


اللاجئون العراقيون

تؤكّد أغاتا أبي عاد، مساعدة الرعاية الاجتماعية في مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أنّ ما يشاع عن مشكلة التحاق اللاجئين العراقيين بالمدارس غير صحيح. فالدولة اللبنانية قدمت منذ عام 1999، كما تقول، أدوات الحماية إلى كل اللاجئين بغضّ النظر عن بلد المنشأ، وذلك عبر بطاقة اللاجئ، التي تخوّل التلامذة الدخول إلى المدارس الرسمية. لذا فهناك 80% من اللاجئين العراقيين الذين تراوح أعمارهم بين 4 سنوات و17 سنة، والذين يبلغ عددهم 1530 شخصاً يلتحقون بالمدارس. لكن المشكلة تكمن في التسرب الناتج من اختلاف المستوى التعليمي بين العراق ولبنان، إضافةً إلى ضعف التلامذة اللاجئين باللغة الإنكليزية، وهذا الأمر يعالج مع الشركاء عبر صفوف تقوية بعد الظهر، في مراكز اللجوء.