في جنوبي الليطاني، استعجلت المخيمات الصيفية على اختلاف مشاربها، إنهاء فعّالياتها قبل حلول شهر رمضان. وإن توحّدت في مواجهة شهر الصوم، فإنها تباينت في برامجها وأهدافها التي تنوّعت بتنوّع المنظمين والمشاركين ومكان نصبها، فيما عدا بعض الأنشطة الترفيهية والإرشادية العامة
صور ــ آمال خليل
تزاحمت المخيمات هذا العام على ضفاف نهر الليطاني وفي ملاعب المدارس والأحراج القليلة الباقية في منطقة صور. وإضافةً إلى المخيمات التي تنظّمها الأحزاب وفرق الكشافة سنوياً، بدأت تتنامى ظاهرة استحداث بعض المدارس والنوادي والجمعيات لمخيمات خاصة بها خلال العطلة الدراسية في فصل الصيف. الأمر الذي يفرض أحياناً كثيرة تنافساً قوياً في ما بين المنظّمين، لاجتذاب المشاركين كلٌّ إلى مخيمه، وبالتالي إلى مبادئه وأفكاره وتوجهه العام، إذا لم يكن هؤلاء الأطفال والشباب أصلاً عناصر في هذه الجمعية أو ذاك الحزب. وقد برزت أضخم المخيمات تلك التي نظّمتها كشافة المهدي والتعبئة التربوية في حزب الله، وكشافة الرسالة الإسلامية في حركة أمل.
على صعيد آخر، برزت مخيمات «مدنية» أخرى حاولت إثبات حضورها في الصيف المزدحم. كشافة المدرسة العاملية الجنوبية في العباسية اجتذبوا إلى مخيمهم، في سنته الخامسة، ستين مشاركاً راوحت أعمارهم ما بين أربعة أعوام وثمانية عشر عاماً. ويرى منسق المخيم، محمد أبو حيدر، أن «هذا العدد ليس قليلاً بل يمثّل إنجازاً، نظراً إلى ما تؤدّيه الأحزاب النافذة في المنطقة من دور قادر على سحب الفتيان والشباب إلى رحابها بدوافع العقائد الدينية خصوصاً». وفي هذا الصدد، يشير أبو حيدر إلى أن المخيم تمكّن للمرة الأولى من الخروج خارج أسوار ملعب المدرسة بعد رفض البلديات المحيطة به السماح بالتخييم داخل أحراجها. وبدعم خاص، تمكّن الكشّافة من استخدام أحد الأحراج الواقعة ضمن أملاك خاصة في العباسية ونصبوا خيامهم طوال أسبوع كامل. ويوضح أبو حيدر أن فريق كشّافة العاملية الذي تأسّس قبل ستّ سنوات «يسعى إلى تخطي منظومات القيود المذهبية والدينية إلى الوطن والمواطنية وبناء مواطنين حقيقيّين منتجين ويحافظون على مقدّرات البلد وصولاً إلى أصغر حيوان أو حبة تراب فيه». من هنا تنوّعت انتماءات المشاركين مناطقياً ومذهبياً وصولاً إلى تنوع أنشطة المخيم بين الندوات الإرشادية والتمارين الرياضية والحفاظ على البيئة والرفق بالحيوان. وبالتزامن، اختتم اتحاد الشباب الديموقراطي في الحزب الشيوعي اللبناني مخيماً للأطفال في بلدة الزرارية، حمل اسم «مخيم بيسان مروة» في تحية إلى إحدى عناصر فرع الاتحاد في المنطقة: بيسان (20 عاماً) التي قتلت في حادث سير قبل أشهر.
المخيم الذي ينظّمه الاتحاد في المكان ذاته للسنة الثالثة، استمر أسبوعاً كاملاً وشارك فيه 120 طفلاً راوحت أعمارهم بين السادسة والثالثة عشرة من بلدات بنت جبيل وصور وصيدا والنبطية ومرجعيون وحاصبيا. وبالاطّلاع على فعّالياته، تبيّن أنْ لا شيء ظاهراً يثير القضايا بالنبرة الشيوعية الصرفة: لا حوارات حول العلمانية والنظام الطائفي والنسبي والمحاصصة ونظريات الاقتصاد الشيوعي... إلا أن قيادة المخيم حاولت إمرارها بطريقة غير مباشرة. وبالتالي فإن كل الأنشطة وورش العمل والحلقات التثقيفية والحوارية التي نظّمت يومياً وبكثافة، صبّت في الهدف الرئيسي من المخيم لدورته الثالثة هذا العام وهو :»حقوق الطفل وحرياته العامة» بمنأى عن انتمائه ومحيطه العقائدي. ويوضح عضو قيادة الاتحاد رائد عطايا أن الاتحاد «بات يتّبع أساليب مختلفة في إدارة مخيماته، منها أن فريق عمل هذا المخيم المؤلف من 15 شاباً وشابة كانوا قد تلقّوا تدريباً مكثفاً قبل أيام من موعد المخيم على تنمية قدراتهم ومهاراتهم، وتطوير أساليب تعاملهم مع الأطفال وتنشيطهم وتعزيز حرية التعبير لديهم، استناداً إلى المنهجيات الحديثة المتّبعة مثل منهجية من طفل إلى طفل التي تهدف إلى حل بعض الأطفال لمشاكل بعض أو القضايا العامة بالنقاش والحوار».


وفي المدارس أيضاً...

بعد افتتاح مسرح وناد للسينما، وتعزيز فرق الرياضة والموسيقى فيها، استحدثت ثانوية صور الرسمية المختلطة، تحت شعار «صيف ورياضة»، مخيماً قررت تحويله إلى حدث سنوي داخل حرم الثانوية. وشارك في فعّالياته مئة طفل بين 6 سنوات و16 سنة لم يكونوا من طلاب المدرسة فحسب، وفضّل المنظمون تخفيف الأنشطة الفكرية عنهم لمصلحة الأنشطة الرياضية والترفيهية. في الوقت ذاته، اختتمت جمعية إليسار الشبابية مخيمها الكشفي في ملعب مدرسة صور الرسمية الأولى. وفي ملعب مدرسة القليلة الرسمية، اختتم كشافة التربية الوطنية مخيمهم الترفيهي الذي شارك فيه 80 شاباً. أما جمعية المبرات الخيرية فقد اختتمت مخيم «صيفيات الأولاد» الذي شارك فيه طلاب من مؤسساتها ومدارسها الرعائية.