في لبايا، حصد 53 شاباً وشابة من مختلف المناطق اللبنانية من ضمنهم 17 صبية وشابان من إيطاليا وتركيا، القمح مع المزارعين ونظّفوا طرقات البلدة
البقاع الغربي ــ أسامة القادري
«شدّوا الهمّة الهمّة قوية...». على أنغام أغنية مارسيل خليفة الشهيرة، تحاول ريتا إبراهيم، القادمة من عكار إلى بلدة لبايا في أقاصي البقاع الغربي للمشاركة في المخيم التطوعي الذي ينظّمه اتحاد الشباب الديموقراطي، أن تنجز عملها في تأهيل ملعب البلدة للكرة الطائرة. تشير ريتا إلى أن هذه الأعمال تزيد حماستها للاختلاط مع عموم المواطنين على الأراضي اللبنانية، مهما كانت انتماءاتهم السياسية والطائفية، لأن ما يجمعها بهم هو همّ تنموي ووطني واحد. أما الأجانب الذين شاركوا في المخيم، وهم 19 شابّاً، فيرون في الهم المحلي همّاً إنسانياً عاماً، وفرصة للتعرف إلى الآخر. ماركو، القادم من إيطاليا، يؤكد أن ما أعجبه في القرى اللبنانية هو الاختلاف في بعض التقاليد، وخاصةً في المأكولات القروية.
أما رفيقته جوليا، فقد بدت على وجهها ملامح الفرح والبهجة وهي تتحدث عن مساعدتها لمزارعي القمح أثناء حصاد موسمهم في القرية.
الهمّ المحلي همّ وطني وإنساني عام
أما طوماسو، فقد استوقفه، من خلال متابعته لسلوك رفاقه اللبنانيين في المخيم أنهم «غير نظاميين، وخاصةًَ أنهم لا يلتزمون بأوقات الذهاب إلى النوم. وهذا ما كان يمثّل للباقين الذين يحاولون نيل قسطهم منه حالة من الانزعاج، وخاصةً أن الجميع مجبرون على الاستيقاظ باكراً لبدء يوم عمل جديد».
أما روز كازان، التي تشارك للمرة الأولى في المخيم التطوعي، حيث إنها لم تشارك سابقاً سوى في المخيمات الحوارية والكشفية، فتؤكد بحماسة واندفاع «مهم كتير المخيم لإنو عم بيعرّفنا على أشخاص جداد من مناطق لبنانية مختلفة، كما يعرفنا على أناس متطوعين غير لبنانيين»، مضيفةً «هذا عدا عن أنه يحفّزنا على مشاركة الآخرين همومهم، وبذلك يعزز لدينا مبادئ المواطنية». ولا تغفل روز ذكر أهمية المخيم من حيث أنه «يعرّفنا على عادات وتقاليد في قرى لم نكن نعرف عنها شيئاً».
ويجد سامر صليبا، القادم من بلدة رعيت في البقاع الأوسط، في التخييم، فرصة له للتعبير عن تواصله مع المجتمع اللبناني من دون الوقوع في فخاخ التمايز الطائفي، وخارج القيود الجغرافية، إذ يشرح «نحن هنا في المخيم 53 شاباً وشابة من مختلف المناطق اللبنانية، من ضمنهم 17 صبية وشابان من إيطاليا وتركيا. لا يجمعنا سوى التطوع من أجل تحقيق التنمية الاجتماعية وإعطاء الفكرة الصحيحة عن عمل اتحاد الشباب الديموقراطي». يعدّد سامر النشاطات التي كان له نصيب في أدائها، من حصاد القمح وتنظيف الطرقات داخل بلدة لبايا، إلى تركيب مرايا خاصة على المفارق الداخلية في البلدة.
«هذه فرصة لي للتعرّف إلى وجوه جديدة تحمل المفاهيم والمبادئ ذاتها في العمل التطوعي والاجتماعي السليم، من دون تمايز جنسي أو مذهبي ولا أيضاً مناطقي»، كما تقول مايا جلول، الآتية من بيروت إلى البقاع الغربي للمشاركة في المخيم، فـ«البنات في المخيم أكثر من الشباب وهذا دليل واضح على عدم التمايز بين الرجل والمرأة» كما تؤكد، مضيفةً «أصلاً نعمل مثلنا مثل الشباب. ننظف الطرقات وندهنها وإذا استدعى الأمر نعمل في الباطون. هذا العمل يسعدنا لأننا نجسّد تواصلنا مع المجتمع عبر أعمال فعلية على الأرض».
لا تختلف زهراء حجازي، الآتية من مدينة صور، عن بقية المتطوعين، تجمعها بهم القيم الاجتماعية ذاتها في مساعدة الآخرين. تتحدث وهي ترسم على جدار ملعب الكرة الطائرة في لبايا، من دون أن يظهر عليها الكلل ولا التعب.
من جهته، أكد مسؤول المخيم، أحمد ترو، نجاح المخيم، حيث قام الجميع بعدة نشاطات، تتداخل مع التنمية وتتصل بها مباشرةً، فكان «الجو كتير منيح وجيد بتفاعل المتطوعين مع الأهالي الذين أبدوا استعدادهم وكرمهم وسهّلوا عمل الشباب» كما قال، على عكس البلدية التي «لم تتعاون معنا كثيراً، ما أجبرنا على تجميد عدة نشاطات كنا ننوي القيام بها».