ثمة تناقض بين أجواء القداس الديني الذي يحصل عصر الخامس من آب، وبين أجواء الصخب والرقص التي تليه على يد الشباب التواق للـ«فرفشة»يفرض الشباب على رحلة التأمل والسكون أجواء الصخب التي تحمل ما تحمله من كلام في الغزل والغرام والتعارف، والتواعد، لتصبح أجواء رحلة التأمل أشبه بأجواء «نايت كلوب» مفتوح على السماء، يبدو أنها تعوض عن النقص الواقع على الشباب المشاركين الآتين من بلدات وقرى مجاورة تسيطر الحياة الريفية الهادئة عليها. لذلك، بات شبان راشيا والجوار يتزاحمون على المشاركة في الحدث فرادى وجماعات عبر وسائل نقل تؤمنها البلدية لقاء مبلغ من المال بلغ هذا العام 25 ألف ليرة، يسدد للبلدية في مقابل تأمين النقل والخيم والمياه والخدمات والطعام للمشاركين.
على خط مواز، باتت المناسبة تحفّز صبايا المنطقة على الصعود هنّ الأخريات، نحو الجبل، لكي لا يفسحن في المجال أمام الحسناوات الآتيات من أماكن بعيدة في اقتناص قلوب شباب المنطقة.
يشير المشرف على تنظيم الرحلة، كمال الساحلي، إلى المسجلين قبل الرحلة «لم يتجاوزوا الـ700؛ وإذ بعدد الواصلين إلى هنا يفوق ألفي شخص، أكثرهم من الشباب، ما ضاعف من مسؤوليتنا. ومع ذلك فقد فرضت انضباطية تلقائية نفسها على الجميع، بالرغم من وجود بعض المشروبات الكحولية؛ لكن حادثاً صغيراً واحداً قد يعكر صفو اللقاء لم يسجل على الإطلاق، وهذا إن دلّ على شيء، فعلى وعي الشباب وحرصهم على إنجاح طقوس اللقاء ورغبتهم في التعبير عن حاجاتهم المكبوتة للترفيه. أصلاً إن أي حفل مشابه ربما لم يكن ليحصل في أيٍّ من بلدات المنطقة، على هذا النحو من العفوية والتلقائية والسلام».
مرح يعوّض عن شباب القرى المحيطة
ورغم ثناء الساحلي على مسؤوليّة الشباب المشاركين ووعيهم، إلا أنه لا ينكر ورود بعض الشكاوى إليه من مشاركين «أرادوا للمناسبة أن تظل فرصة للتأمّل والصلاة. فهؤلاء، ربما انزعجوا من أجواء الرقص والصخب والدبكة التي شارك فيها الشباب من الجنسين، لكن في ظل هذا الحشد الشبابي الذي له أحلامه ورغباته وتطلعاته لا يمكن أن نفرض على الجميع أجواء إيمانية أو طقوساً دينية، بل إن أجواء البرد التي تبدأ بالتسرب إلى المكان مع حلول المساء والليل، وما يحيط بنا من رهبة في هذا الجرد المفتوح على الفراغ والفضاء، تتوجب علينا إيجاد فرص للنشاط الجسدي المتمثل بالرقص والدبكة للشباب، وتفعيل التعارف والحوارات لنسيان ما يحيط بالموجودين».
ويتحدث الساحلي عن نواقص «واجهت هذا الكمّ الهائل من الناس ينبغي علينا تداركها في المرات المقبلة، وخصوصاً أن من شارك هذا العام في الحلقات المنعقدة من الرقص والدبكة والبهجة، لن يأتي المرة المقبلة وحده. ونجد أن هذه المناسبة باتت مثل كرة الثلج التي تكبر عاماً تلو عام، ويذيع صيتها نحو مختلف المناطق اللبنانية، ونحو خارج الوطن، ما يجعل المسؤولية علينا مضاعفة. يعني في المرة المقبلة يجب أن نوسع باحة الرقص والدبكة، وإيجاد المزيد من المراحيض، وتفعيل مقومات السياحة؛ وإطلاق حملة توعية تدفع بالشباب نحو الحفاظ على البيئة المحيطة، وخصوصاً أن بعض النباتات الصلبة النادرة تتعرض من بعض الشبان المتهورين للحرق، ربما لأن النار هنا تبدد بعض المخاوف ويترك الضوء المنبعث منها طمأنينة في النفوس».