قاسم س. قاسمفي تلك الليلة، حين اكتشفت حقيقتها، كنت جالساً مع صديقي وأمامنا ست زجاجات من مشروب روحي، «ويا عين ملا مشروب روسي روحي ما بيفهم». تحدثت «على السكرة» عن مغامراتي العاطفية وكيف أنّني كنت «غشيم» فيها كلّها. حدثني هو عن زوجته التي توفيت، وكيف أنّه ترك أهله ودنياه من أجلها. حدثني كيف أنّه كان يحب تقبيلها على جبينها، وكم هو مشتاق لها. لاحظت في تلك اللحظات أنّ هدير البحر قد سكن وكأنّه كان ينصت إلينا.
أخبرني كيف أنّه لا يطيق أن يزور قبرها، لأنّه سيمضي الليل بأكمله وهو يبكي. حملت عنه همه «وأنا سكران»، خففت عنه و«بعدني سكران». بالرغم من ذلك لم يسألني عن حالي، ولم يسألني «شو بني». لكنّه لو سأل كنت سأجيبه «ما بدي إلّك شو بني».
حسناً، لنعود إلى صديقتي. أردنا شرب قهوة «لنصحصح». أمام المحل، أوقف شيخ خليجي سيارته أمامنا. فتحت شباكها، نظرت إليها ونظرت إليّ. أردت التأكد من أنّني لم أكن مخموراً لدرجة «الاستشباه» فيها (حرام حطّها بدمّتي). نظراتها أكدت أنّها صديقتي التي كنت أهتم وإياها بشؤون المعوقين، قبل أن يقتصر اهتمامها اليوم على شؤون الخليجيين. كلّ ذلك حصل بغضون دقائق. في النهاية، ابتسمت لها.