زينة ب. شمعونفي مناسباتهم السعيدة، يردّد اللبنانيون: «لكل عرس قرص»، وعرس «أوبرا الضيعة» لفرقة كركلا التي عُرضت ضمن مهرجانات بعلبك الدولية عكّر قرصه صفو بعض المشاهدين الوافدين من مختلف مناطق لبنان وبلاد الاغتراب للاستمتاع بالمسرحية الغنائية وجمال الآثارات الرائعة وعظمتها. والسبب، تصرفات أقلّ ما يقال فيها أنها «غير لائقة» صدرت عن سيدة من «أهل البيت». فخلال الاستراحة كان أمام المكان المخصص للنساء لقضاء حاجاتهن، صف طويل وقفت فيه سيدات حوامل ومن أهل المجتمع والسياسة ومراهقات وطفلات وكبيرات في السن، وكنّ ينتظرن بفارغ الصبر أدوارهنّ لئلا يفوّتن لحظة من الجزء الثاني من العرض المدهش أو من رؤية الفنان عاصي الحلاني على المسرح. كن يدردشن بذلك في الانتظار، وفجأة أطلّت سيدة (تتحفظ «الأخبار» عن نشر اسمها لأسباب مهنية) بقميص حريري أصفر يرافقها رجل بلباس قوى الأمن الداخلي (من العناصر المكلفة حماية المكان وضمان حسن سير الأمور في القلعة، ولم يكن يحمل سلاحاً ظاهراً) ومرافقها الشخصي لتضرب عرض الحائط بكل ما توحيه الهياكل الجبارة والشامخة، من احترام للقواعد الحضارية الراقية. أعمدة مذهلة تتهيّب أمامها حائراً متفكراً بالعمل الدؤوب المضني والجهد، والصبر الذي استلزمه نقشها وبناؤها ورفعها. على النقيض من صبر «سيدة البيت» الذي نفد على الفور، فلم تأبه لقواعد الكياسة ولا لمشاعر ضيفاتها في مسقطها بعلبك، بل تخطتهن جميعاً لتدخل من خارج صف الانتظار الطويل. لم تتحمل إحدى السيدات هذا التصرف المستغرب، وعندما أعلنت استنكارها، عاجلها مرافق «الست» بعبارة : «إذا أردت دخول الحمام بسرعة مثلها، فأحضري رجل أمن يدعمك». جواب ينطبق تماماً على تصرف السيدة بينما كان زوجها يشارك في مكان آخر من القلعة، بعمل فني رائع أراد القيّمون عليه أن يعكس صورة حضارية لشعب لبنان. أما بقية المنتظرات لأدوارهنّ الصابرات، ومعظمهن من بلاد الاغتراب فشكرن الله، بفضل السيدة، على أن زياراتهن للبنان تقتصر على موسم الصيف، وكنّ يتبادلن نظرات خيبة صامتة. فدخول الحمّام لا يتطلب دعماً أمنياً في مفهومهن، وعلى ما عرفن في العالم «الراقي». وكان لا بد من فرج مهما طال الوقت. فعدن إلى المدرج لمتابعة ما بقي من الجزء الثاني من «عرس الضيعة» بعدما فاتهنّ الكثير منه، وحملن كؤوس نبيذ تمايلن بها، ساخرات مما شاهدن وسمعن بضحكات ملأت الأجواء. «كاس الوطن» وتاريخه الحضاري على مدخل حمام نسائي!