هذا نصّ تسرّب عن لقاء لم ينعقد بعد بين الرئيس السوري بشار الأسد والنائب وليد جنبلاط. ولم يرد في المحضر. هذا ما جرى في اللقاء المذكور من ابتسامات وتحيّات وقهقهات وقفشات. كذلك فإن النص لم يذكر ما تخلّل اللقاء من تقديم للمرطّبات المنعشة والمتّة والبرازق اللذيذة
أسعد أبو خليل *
الأسد: أهلاً بهالطلة أهلا. أهلا بالعين الكحلا. شو. كيف كانت الرحلة من المختارة؟
جنبلاط: لم تكن مزعجة قَطّ. كنت أستمع في السيارة إلى أغاني علي الديك. موهبة، بالفعل. لا نظيرَ له. يجب تعريف العالم إليه. يجب أن نقول: أعطونا علي الديك وخذوا ما يدهش العالم.

الأسد: هل أضعت الطريق إلى دمشق؟
جنبلاط: معقول؟ أنا؟ أنا علّمت الطريق على امتداد عقود. أنا حافظ للطريق عن ظهر قلب عندما كان إلياس عطا الله يرافقني في زياراتي شبه الأسبوعيّة. ولأثبت لتيمور معرفتي بالطريق إلى دمشق، قدتُ السيّارة وأنا مغمض العينيْن. إيه والله. قد أكون ارتطمت بسيّارة أو سيّارتيْن أو ثلاث سيّارات على الأكثر. سمعت تكسير زجاج وطحن حديد وعويل نساء، لكن «كلّه بيهون». ولم أعانِ من غشاوة على الإطلاق. الطائف. كلّه من أجل الطائف. الطائف والعروبة. أنا أنشد دائماً: «بلاد العرب أوطاني. من جدّة إلى واشنطوني».

الأسد: تبدو حزيناً، لماذا؟
جنبلاط: ولو. أنا في حداد. لم أفق بعد من صدمة فقدان حسني البورزان. حسني البورزان هو فقيد الأمة وملك الظُّرف. تصوّر أن هناك في لبنان من دعا كوميدياً صهيونياً اسمه جاد المالح لواحدة من ليالي مهرجانات الصيف. صهيوني كوميدي. شو هالآخرة. لماذا ندعو كوميدياً صهيونياً إلى لبنان، وأبو صيّاح حيٌّ يُرزق.

الأسد: كيف لقيت سوريا بعد الغياب؟
جنبلاط: شو بدك بهالحكي. أنا دائماً أقول إنني أفضّل أن أكون زبّالاً في طرطوس على أن أكون زعيماً في لبنان.

الأسد: ولَوْ. هالقد؟
جنبلاط: وأكثر. أنا مستعدّ ان اكون كبابجي في حلب على أن اكون رئيساً في أميركا.

الأسد: مش عم بتزيدها؟
جنبلاط: أبداً. أنا أفضّل أن أكون عامل بناء في القامشلي على أن أكون قائد المنطقة الوسطى في القوات المسلحة الأميركيّة.

الأسد: لا، أنت تخّنتها.
جنبلاط: من، أنا؟ على العكس. أنا أتحفّظ في الحديث. أنا أفضّل أن أكون طرّاشاً في دير الزور على أن أُتوَّج ملكاً على العالم.
الأسد: لا يا وليد بك. كثير هيك.
جنبلاط: لا كثير، ولا شيء. أنا أفضّل أن أكون بائع كعك في حمص، على أن أكون رئيساً لجمهوريّة لبنان.

الأسد: يكفي. يكفي. وصلت الفكرة.
جنبلاط: لا أبداً. أنا أفضّل أن أكون نجّاراً في الزبداني، على أن أكون خادم الحرميْن.

الأسد: وكيف نظرتك للمحافظين الجدد؟
جنبلاط: هم أصل البلاء وشأفة الشرور والإرهاب. ألم تقرأ كتاب غازي العريضي عن الإرهاب الأميركي (ولا أدري إذا كان مروان حمادة، صديق العزيز «جيف»، قد قرأ هذا الكتاب)؟ هؤلاء هم الفريق الصهيوني الذي يسعى إلى تدمير العالم العربي وتفتيته. هؤلاء الذين كنت أحذِّر منهم دائماً، قبل أن أعود وأتحالف معهم لأربع سنوات طوال. هؤلاء دمّروا العراق (وإن كنت أثناء فترة الغشاوة قد اتهمت نظامك في سوريا بتدمير العراق، وإن كنت قبل ذلك في حقبة غشاوة مختلفة في 2003 و2004 قد اتهمت أميركا بتدمير العراق).

الأسد: لكنك لا تزال تلتقي بهم ـــــ هؤلاء المحافظين الجدد ـــــ وعلى تواصل معهم، وبعضهم يأتي إلى المختارة، مثل دانييل شابيرو الذي جاءك من إدارة أوباما زائراً أخيراً، وجلتَ به في أرجاء قصر المختارة إمعاناً في التكريم واستقبلته مثل استقبال الأقرباء، مع أنه موظف غير كبير في مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض. وشابيرو هذا من عتاة الصهاينة المتعصّبين، وهو كان في فريق موظفي الكونغرس الذين عملوا بالنيابة عن اللوبي الصهيوني لمنع محطة «المنار» في أميركا وتصنيفها «منظمةً إرهابيّة» وفق القانون الأميركي.
«تيار الحريري أراد أن يقول لي إن العودة إلى اليسار لا تعني شيئاً لأن لا وجود لليسار»
جنبلاط: هذا صحيح، لكن اجتماعي معه كان للحديث عن العروبة وفلسطين واليسار العالمي. قد أحظى بكسب المحافظين الجدد في أميركا وجرّهم إلى صف اليسار العالمي. هذه عمليّة معقّدة وتتطلّب الكثير من التأنّي. والحقيقة أنا وجدت أن إليوت أبرامز يهتم بفلسطين ويكنّ إعجاباً شديداً بفرد من شعب فلسطين (من عائلة الدحلان، على ما أظن، وآخر من آل الرجّوب). أي إن إليوت أبرامز يكره شعب فلسطين إلا فلسطينياً واحداً أو اثنيْن، وهذا مهمّ للقضيّة الفلسطينيّة. هذا مكسب يجب عدم التفريط به أبداً. أما هنري كيسنجر، فقد وجدته عروبيّاً إلى درجة أنه ألحّ عليّ ألا ننسى لواء الإسكندرون، وهو لا يشير إليه إلا والدموع تطفر من عينيه ويقول عنه: إنه اللواء السليب، يا أخا العروبة. وألحّ عليّ في لقائي معه لإرجاعه إلى الوطن الأم. هذا هو هنري كيسنجر الحقيقي. أما ستيفين هدلي، فالعكروت (أو الملعون حسب ما يسمح الرقيب) يساري متطرِّف، وهو من أشدّ المعجبين بجورج حبش. وبالمناسبة، أراك تلتقي بهؤلاء المحافظين الجدد أيضاً. وأنا أكيد أن اجتماعاتك بهم هي مثل اجتماعاتي بهم: للحديث عن الوحدة العربيّة وعن فلسطين وعن شعارات البعث الجذّابة.

الأسد: هذا صحيح. وبالمناسبة، إدارة أوباما متعاطفة مع البعث (في شقّه السوري، لا العراقي). ألا تجد المفارقة أنك تبتعد عن واشنطن فيما نقترب منها نحن؟
جنبلاط: لكنك تقترب من واشنطن من أجل الاقتراب من فلسطين. فقط من أجل فلسطين. لا أكثر ولا أقل.

الأسد: لكن أنت قلت إنك كنت تكذب في السنوات الثلاثين التي كنت متحالفاً فيها معنا.
جنبلاط: أنا كنت أكذب عندما قلت هذا الكلام.

الأسد: أي إنك كنت تكذب عندما كذبت؟
جنبلاط: لا، أنا كذبت في ادعاء الكذب، أي كذبت صدقي.

الأسد: يعني أنت لست كاذباً؟
جنبلاط: لا، أنا كاذب، لكن بالمقلوب. أو كاذب لكن لمصلحة العروبة وفلسطين واليسار والشام. سائليني يا شام.

الأسد: وما قصة الغشاوة اللعينة التي شكوت منها؟ هل انقشعت الرؤية؟
جنبلاط: لا. أنا لم أعانِ من الغشاوة أثناء عقود تحالفي مع النظام في سوريا. أنا كنت أعاني من الغشاوة عندما تحالفت مع إدارة بوش.

الأسد: لكنك كنت تقول العكس؟
جنبلاط: قلت العكس لأنني كنت أعاني من الغشاوة اللعينة. وأنت طبيب عيون: أنجدني، يا طبيب العيون.

الأسد: شو تعريفك للعروبة؟
جنبلاط: العروبة هي عروبة. وهي الملك عبد الله والأمير مقرن والسفير الخوجة... والبعث السوري.

الأسد: شو رأيك بالأمير مقرن؟
جنبلاط: أنا أحب الأمير مقرن حباً جمّاً.

الأسد: وفلسطين؟
جنبلاط: فلسطين هي محمد دحلان وأبو مازن وعلاء الدين ترّو. ثم، فلسطين هي فلسطين.

الأسد: وما تعريفك للمقاومة؟
جنبلاط: المقاومة هي في مهرجان الجنادريّة، وهي في رفع العلم الفرنسي في قلب المختارة إحضاراً لروح التحالف بين الاستعمار الفرنسي وهذا البيت العريق في حقبة الانتداب. كل ما عدا ذلك هباء.

الأسد: لكنك قدت حملة على المقاومة في لبنان؟
جنبلاط: كنت أمزح. المزح والهزل جزء من ثقافتنا في الجبل. وكتب الجاحظ محفوظة عندنا. وتذكر أنني قلت إنني أمزح عندما دعوت دنيس روس من واشنطن وفي مقرّ الذراع الفكري للوبي الصهيوني إلى إرسال سيارات مفخّخة إلى دمشق.

الأسد: ما أجمل روح النكتة عندك. يا للهضامة. يعني على قول المصريّين: انت «كنت بتهَزَّر».
جنبلاط: «بَهَزَّر. أيوه».

الأسد: وماذا عن اليسار؟
جنبلاط: اليسار هو في التحالف المالي المرتبط بآل الحريري، وبيان تيار المستقبل في الردّ عليّ ذكّرني بأنّ رفيق الحريري كان نصيراً للعمّال والفلاّحين بالإضافة الى البروليتاريا الرثّة. لكن محمد الضيقة الكاتب في موقع «ناو حريري» استشهد بـ«مصدر» سمّاه «يساري» ليقول إنه لا وجود لليسار أبداً، رداً على كلامي. أي إن اليساري هذا نفى وجود اليسار، والله أعلم. وهذه المقابلة هي مثل مقابلة صوفي ينفي وجود الصوفيّة، لكن لموقع «ناو حريري» ألاعيب لا يفقهها إلا الراسخون في العلم. لكن تيار الحريري أراد أن يقول لي إن العودة إلى اليسار لا تعني شيئاً لأن لا وجود لليسار. لكن اليسار هو في عدنان القصّار وفي نعمة طعمة. ولنعمة طعمة تنظيرات في اليسار تتناغم مع تنظيرات سمير أمين في النمو العالمي غير المتوازن.

الأسد: البعث فوق اليسار وفوق اليمين. لكن كيف تكون يسارياً ومتحالفاً مع النظام السعودي، وهو من عتاة اليمين؟
جنبلاط: لا. هذا غير صحيح. أنا متحالف مع يسار آل سعود، مثل الملك عبد الله. أما بندر وسلمان فهما من يمين آل سعود. لا، أنا حريص على صدقيّتي في هذه الأمور. مع اليسار على طول الخط. وحتى في تحالفي مع الإدارة الأميركيّة: أنا كنت متحالفاً مع يسار عتاة اليمين، إيه والله. يعني وولفويتز وأبرامز وتشيني: هؤلاء هم يسار اليمين المتطرّف.

الأسد: ولماذا اعتذرت من وولفويتز ومن «كوندي» رايس، التي وصفتها في حديثك مع البطريرك بـ«المُحبَّة» للبنان؟
جنبلاط: لا مشكلة هنا. وأنا اعتذرت في ما بعد من حسن نصر الله ومنك. اعتذارات متقابِلة ومتعارِضة، وبالجملة. وأنا أنوي عمّا قريب أن اعتذر عن اعتذاري من وولفويتز ومن رايس. وسأعتذر منكم أيضاً.

الأسد: يعني تكويعتك هذه المرّة جديّة؟
جنبلاط: أنا تكويعاتي دائماً جديّة.

الأسد: لكن إليوت أبرامز لم يأخذ في حديث مع مجلة «سليت» الأميركيّة تكويعَتك الأخيرة على محمل الجدّ، وقال ما معناه أن انتقادك للمحافظين الجدد ليس جديّاً لأنك لا تزال ترسل له صناديق من خمر كفريّا بالرغم من أنك تنتقد المحافظين الجدد بشدّة، وترى أن تحالفك السابق معهم كان «وصمة» سوداء وتحمّلهم مسؤوليّة تفتيت العراق وأفغانستان وتدميرهما؟ أبرامز شكّك في أن تكونَ أنتَ مقتنعاً بما تقوله هذه الأيام.
جنبلاط: هو قال ذلك؟ هو قال إنني لا أزال أرسل له صناديق من نبيذ كفريّا؟

الأسد: بالحرف.
جنبلاط: هذا صحيح. أنا لا أزال أرسل هدايا لفريق المحافظين الجدد، لكنني أفعل ذلك من أجل اليسار والعروبة وفلسطين.

الأسد: كيف؟
جنبلاط: العروبة واليسار وفلسطين.

الأسد: وصناديق نبيذ كفريّا لإليوت أبرامز؟
جنبلاط: صحيح.

الأسد: لكن لم أفهم؟
جنبلاط: كان القدّيس اغسطنيوس عندما يُسأل عن الحكمة الربّانيّة في موت الأطفال يقول: لا تسألوني. هناك ما يعصى على الشرح أو على الفهم. ولا ننسى كيف حلّ الفقهاء مسألة خلق القرآن. طالب الفقهاء المؤمنين بقبول الحل التوفيقي «بلا كيف». وهذا ينطبق على مسألة استمرار إرسالي للهدايا للمحافظين الجدد في الوقت الذي أباشر فيه في انتقادهم.

الأسد: بلا كيف؟
جنبلاط: بلا كيف.

الأسد: بعدك تحذّر من الخطر الفارسي؟
جنبلاط: أنا؟ لا أنا أستنكر الكلام المذهبي والعنصري عن الفرس. لكن أنت تدري أن هذا الشعب اللبناني كريه في عنصريّته.
بالمناسبة، كيف الدكتور رستم غزالة؟ والله إله وحشة. هل لا يزال يحب الكباب والخشخاش؟ موائد الدكتور رستم كانت دائماً عامرة. الحق يُقال في مناسبات كهذه.

الأسد: أبو عبده لا يغادر المنزل: قابع فيه ليلاً ونهاراً. ولولا «الدليفري»، لمات جوعاً. بيروت وعنجر إلها وحشة كبيرة عنده. هناك من يقول إنه يذهب إلى الحدود مع لبنان ويبكي يوميّاً (كما كان الهاشميّون ينظرون نحو الحجاز ويبكون بعد طردهم من قبل آل سعود). هو يجمع الجيران ويتحدث لساعات عن أيام مجده في لبنان، وكيف أن الكل كانوا بدهم رضاه. وهو حزين على عدم وصول فارس سعيد إلى الندوة النيابيّة. هو يقول: أنا كنت أضمن له النيابة في أيامي، أما اليوم، وبعد رحيلي، فسعيد يكتفي بتلاوة الفرمانات بالنيابة عن الأمانة العامة لـ14 آذار. ويقول غزالة إنه سيضمن عودة فارس سعيد إلى النيابة، فيما لو عاد إلى لبنان. عزيز على قلبه جداً.
جنبلاط: أيذكرني أبو عبده؟

الأسد: يذكرك دائماً بالخير ويقول إنك مُفضِل عليه.
جنبلاط: أنا أفكر في دعوته إلى المختارة من أجل العروبة وفلسطين واليسار.

الأسد: ماذا عن تأييدك لربيع دمشق وميشيل كيلو؟
جنبلاط: لا، هناك سوء فهم. أنا ضد الربيع ومع حظر الربيع من أساسه وكل إشارة إلى الربيع. على العكس: أنا أطالب السلطات السوريّة بمنع أغنية فريد الأطرش «أدي الربيع». أما عن ميشيل كيلو: فأقترح الدولاب. عليكم بالدولاب. والاستخبارات السوريّة تتفنّن هنا. وابتكرت أسلوب الضرب في دولاب. فلماذا لا يوضع كل من يطالب بالربيع في داخل دولاب ويُضرب ضرباً مبرّحاً إلى أن يُقرّ بما يُقرّ به. وهناك قول شهير، هو أن الاستخبارات البعثيّة تستطيع أن تجبر الإنسان على الاعتراف بأنه دجاجة تصيح. والفلقة كما نذكر من حسن أداء «أبو كلبشة» فعّالة للغاية. مش قليلة الفلقة أبداً.

الأسد: من تتهم في اغتيال الحريري؟ أنت اتهمت النظام في سوريا من قبل وطالبتَ باغتيالي.
جنبلاط: لا، أنت لا تدرك الثقافة السياسيّة والشعبيّة عندنا. المزاح، كما أسلفنا. ثم صحيح أنا اتهمت النظام في سوريا، لكنني اليوم لم أعُد أتّهم النظام. ولا تنسَ أنني اتّهمت سوريا باغتيالات أخرى فيما كنت أتهم من قبل أمين الجميّل واليميني فريد حمادة (راجع مقابلتي مع جريدة النهار في 8 آذار ، 1989) وكنت أشيد بتعاون الاستخبارات السوريّة. وأنا أغيّر اتهامي: سمِّها الديالكتيك في الاتهام. أي الاتهام وعكس الاتهام، وهكذا دواليك. وبالمناسبة، أحبّ أن أذكّرك بأول مقابلة صحافيّة أعطيتها بعد اغتيال والدي في 1977 وجاء فيها بالحرف: «هل هناك موقف آخر لم تكن فيه على تفاهم مع والدك؟ قال: نعم... الصدام مع سوريا. لم يكن من رأيي ولا من حساباتي. بل كنت أرى أن للدور السوري أهميّة ولا يمكن تجاهلها في موازين الحسابات. ومن هذا المنطلق كانت زيارتي لسوريا، وحواري مع الأشقاء السوريّين. وكما ترى لم تكن هذه الزيارة مفتعلة، بل جاءت بنت ساعتها» (الحوادث، 7 تشرين الأول، 1977).

الأسد: يطربني كلامك يا وليد. ومشهد جلوسك هنا يذكّرني بمشهد والدك وهو جالس مع والدي.
جنبلاط: التاريخ يعيد نفسه؟

الأسد: في مكان ما. في مكان ما... بعدك على اتصال بعبد الحليم خدّام؟
جنبلاط: الاسم مألوف، لكن لا أذكره تماماً. هل هو مطرب أم عازف عود؟

الأسد: أنا أتحدث عن صديقك أبو جمال. ألا تذكره؟ كنتم تسعون معه إلى إسقاط النظام، وكان خدام يعلن كل شهر في نشرة المستقبل عن توقّع إسقاط النظام في غضون أسبوع أو أسبوعيْن على أكثر تقدير.
جنبلاط: خدّام. خدّام. خدّام. لا أذكر أبداً. لكن العمر إله حق. أنا احتفلت لتوّي بعيد ميلادي الستين. لحظة. تذكّرت. هل كان خدّام هذا إحدى الشخصيّات في برنامج «صح النوم»؟ أنا أذكر أبو رياح لكن قد أكون نسيت أبو جمال هذا. عذراً.

الأسد: أنت ضد مبادرة سلام توماس فريدمان، بينما نحن نؤيّدها ونطالب بها.
جنبلاط: يعني الممانعة لا تتناقض مع مبادرة السلام؟

الأسد: الممانعة هي لمنع المقاومة من سوريا، وتأييدها في الخارج بعيداً عنا، ولمنع عرقلة مبادرة السلام العربيّة.
جنبلاط: هذا دليل على عدم الاختلاف بيننا.

ملاحظة: اعترض قارئ في رسالة منشورة في «الأخبار» هذا الأسبوع على إشارتي إلى مشاركة الجنرال عون في مجزرة (لا معركة) تل الزعتر. واعترض القارئ المذكور على غياب القرائن في هذا الشأن. لكن عون في مقابلات وتصريحات شتّى أشار إلى أدواره في مساندة قوات بشير الجميّل في مفاصل مختلفة من الحرب، كذلك إن الفارّ من العدالة «أبو أرز» ذكر في مقابلة منشورة على موقع «الكلمة أون لاين» أن عون كان قائداً لغرفة عمليّات القوى الانعزاليّة من دير مار شعيا في أثناء الحرب على تل الزعتر. فاقتضى التوضيح. وبالمناسبة، يمكن أي قارئ أن يراسلني عبر البريد الإلكتروني لطلب المراجع والمصادر لما يرد في مقالاتي من معلومات أو أحداث.

* أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة كاليفورنيا (موقعه على الإنترنت: angryarab.blogspot.com