نهر البارد ــ عبد الكافي الصمداستمر في التفاعل قرار مجلس شورى الدولة الذي صدر الأسبوع الماضي وقضى بإيقاف قرار الحكومة بطمر الآثار المكتشفة في الجزء القديم من مخيم نهر البارد، وتجميد البناء عليها لمدّة شهرين بعد الدعوى التي رفعها العماد ميشال عون بهذا الخصوص. وبرز ذلك في التحرّك الذي نشط على أكثر من خط لاستيعاب هذا التطور المفاجئ، الذي قوبل في الشارع الفلسطيني عموماً، ولدى أبناء المخيم خصوصاً، باستياء وانزعاج بالغين.
فقبل ظهر أمس، في محاولة لتهدئة بال الفلسطينيين وخواطرهم، ولاستيعاب أي ردة فعل سلبية قد تبدر منهم، نظمت وكالة الأونروا جولة لممثلي الفصائل واللجان الشعبية الفلسطينية في الجزء القديم من المخيم، لإطلاعهم ميدانياً على الخطوات التي نُفِّذت حتى الآن من مشروع إعادة الإعمار، من طمر وضغط للتربة ضمن الرزمة الأولى التي تقرر البناء فيها، من أصل 8 رزم وُزع المخيم القديم على أساسها حسب الخطة التي وُضعت لإعادة إعماره.
مسؤول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـــــ القيادة العامة أبو عدنان عودة أوضح لـ«الأخبار» أن «العمل كان متوقفاً تماماً في الجزء القديم من المخيم، فيما عمال مديرية الآثار كانوا يقومون بعملهم في التنقيب»، لافتاً إلى أن «اتصالات سياسية تجري على أعلى المستويات لمعالجة هذه المشكلة، وأن هناك نيّة لزيارة عون للتشاور معه في الموضوع، وشرح معاناة نازحي البارد له».
في موازاة ذلك، وجّه أبناء مخيم نهر البارد وعائلاته أمس نداءً مفتوحاً ناشدوا فيه مجلس شورى الدولة «العمل على إنهاء معاناتهم المستمرة منذ عامين وثلاثة أشهر، من خلال الشروع فوراً في إعادة إعمار المخيم بجزئه القديم، وإنهاء ملف الآثار بما يخدم المصلحة الوطنية اللبنانية بحماية آثار لبنان وتراثه الثقافي والتاريخي، وبما يُسرّع عملية إعادة إعمار المخيم، انسجاماً مع قرار الحكومة اللبنانية قبل ما يزيد على أربعة أشهر، القاضي باستملاك أراضي المخيم القديم والموافقة على المخطط التوجيهي لإعادة الإعمار وطمر الأمكنة الأثرية».
وأمل النداء أن يعالج مجلس الشورى الملف «أسوةً بالمعالجات التي جرت للأمكنة الأثرية المكتشفة في بقية المناطق اللبنانية أثناء إنجاز مشاريع البناء وإعادة التأهيل»، متمنين في مقابل ذلك على عون «الإسهام في إنهاء جرحهم النازف الناتج من استمرار حالة نزوح كل أبناء المخيم وتشردهم في البلدات المجاورة له، وفي المخازن والساحات العامة في مخيم البداوي وعموم مخيمات لبنان، الذين يعيشون في أماكن الإيواء المؤقت في الجزء الجديد من المخيم، وهي أمكنة لا تصلح لحياة بشر، تحت ألواح الصفيح في وحدات حديدية هي أشبه بالحاويات البشرية».
من جهة أخرى، تمنى عضو اللجنة المركزية للجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين ومسؤولها في منطقة الشمال أركان بدر على عون «الاستماع إلى معاناة أبناء المخيم، باستقباله وفداً من الفصائل واللجان الشعبية في المخيم والشمال، لبحث ملف المخيم ومشروع إعادة إعماره وإنهاء معاناة أبنائه»، مشيراً إلى أن «شعبنا يُعوّل كثيراً على إنسانية الجنرال ودعمه للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، في العودة إلى وطنه ودياره تطبيقاً للقرار 194، نقيضاً لكل مشاريع التوطين والتهجير، ونظراً لما يمثّله التوطين من مخاطر على الشعبين الفلسطيني واللبناني معاً».
من جهةٍ أخرى، بحث رئيس حكومة تصريف الأعمال فؤاد السنيورة، في السرايا الحكومية أمس، مع الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة، اللواء يحيى رعد ورئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني السفير خليل مكاوي ورئيس الصندوق المركزي للمهجرين فادي عرموني موضوع إعادة إعمار مخيم نهر البارد في ظلّ التطورات الجديدة.


أرتوزيا بين عون وأهل البارد

بعد صدور قرار الحكومة في 30 نيسان الماضي، القاضي بطمر الآثار في الجزء القديم من المخيم، فوق رقعة مساحتها 175.000 متر مربع، تمهيداً لإعادة إعماره، تقدم العماد ميشال عون بدعوى قضائية أمام مجلس شورى الدولة، طالباً مراجعة قرار الحكومة تمهيداً لإبطاله. يوم الجمعة الماضي أصدر الرئيس المناوب أندريه صادر قراراً يقضي بوقف التنفيذ المؤقت لقرار الحكومة، وإعطاء عون مهلة شهرين لتثبيت هوية الادعاء، كذلك كلف المديرية العامة للآثار وضع الملف الإداري والعلمي لمخيم البارد أمام القضاء. وكانت ورشة إعادة إعمار المخيم قد كشفت عن آثار دفينة في أرضه، تعود إلى مدينة أرتوزيا الرومانية التي نشأت في القرن الميلادي الأول، بعدما اقتلعت الجرافات أعمدة من الغرانيت وبقايا معاصر وحجارة مصقولة كانت تُستعمل في البناء.