تقدَّم إلى مسابقة «ستارز أوف ساينز» طالبان من الجامعة الأميركية في بيروت. اخترع بسام جلغا جهازاً يضبط إيقاع الآلات الموسيقية الوترية، نال عنه في النهاية المرتبة الأولى، بينما تقدّم محمد أمين أبو حرب بمشروع النظّارة «المزدوجة»
رنا حايك
بناءً على إعلان «مطلوب مخترع» الذي وزّع في مختلف الجامعات في الدول العربية، تقدّم 5600 شاب إلى برنامج تلفزيون الواقع العلمي «stars of science»، الذي تموّله مؤسسة قطر. قدّم كل منهم مشروع اختراع علمي، اختارت لجنة مكلّفة 16 منها فقط للمشاركة في البرنامج. ظل المشاركون الستة عشر في البرنامج لكن المشاريع رست على مشروعين في النهاية، إذ إن خسارة المشروع لم تكن تعني مغادرة صاحبه البرنامج بل انضمامه إلى أحد الفريقين اللذين تنافسا في النهاية: مشروع قدّمه السوداني محمد أرصد عن جهاز يفحص نوع الزيت المستخدم في الطبخ ونوعيته، وآخر قدمه طالب الهندسة الميكانيكية، اللبناني بسام جلغا، وفاز عنه بالمرتبة الأولى، يقترح جهازاً يضبط إيقاع الآلات الموسيقية الوترية. فقد كان بسام مأخوذاً بالعزف على العود منذ طفولته.
«المشكلة هي في تفويضنا مسؤولية الابتكارات التقنية للغرب، واعتقادنا أننا عاجزون عنها»، يقول بسام. يؤكد محمد، طالب الهندسة الإلكترونية، كلامه، فـ«محيطنا يحبطنا، حتى أساتذتنا ما بيقبضونا جد أوقات. محيطنا بيتمسخر على اقتراحاتنا بجمل متل إنو هلق إنت جاي تخترعا، ما بيكونوا اخترعوها برا من زمان!» كما يقول، لافتاً إلى أن المشكلة الأساسية تكمن في «عدم وجود قنوات اتصال بين المؤسسات التجارية والداعمين الماليّين من أصحاب المصانع وغيرها، وبين القيمين على البحث الجامعي». إلى تلك المشكلة، التي يعلّق عليها بسام قائلاً: «المال موجود لكنه يصرف في مجالات الخدمات فقط لا التطوّر التقني» تضاف أخرى يلفت إليها قائلاً «لا تتوافر في أسواقنا جميع قطع الغيار التي نحتاج إليها لإنجاز المشاريع لأننا نعتمد على الاستيراد ولا صناعة محلية لدينا، وحين نطلب قطعاً من الخارج، تستغرق الكثير من الوقت، وتتطلّب فتح تحقيقات في الجمارك اللبنانية، وذلك لدواع أمنية. الدواعي ذاتها التي تجعل الشركات الأجنبية تطلب منا تعهداً حين نشتري منها أننا لن نستخدم السلعة التي نشتريها لأغراض نووية!».
في هذا السياق، يعدّ الشابان اللذان يتابعان اليوم مرحلة الماجستير في الجامعة الأميركية في بيروت، مشاركتهما في البرنامج تجربة ثرية، لأنها أتاحت لهما فرصة التطبيق العملي والاحتكاك المباشر بعالم تسويق المنتج، وخصوصاً بالنسبة إلى بسام، الذي نال جائزة قيمتها 300 ألف دولار حصل على 100 ألف منها، بينما خصصت اللجنة 100 ألف منها دعماً مباشراً لتطوير المشروع، و100 ألف يستخدمها للحصول على براءة اختراع عالمية. فهذه الخطوات التي سيقوم بها تمثّل تجربة مهمة له، إذ إنه يناقش حالياً مع المعهد الوطني اللبناني للبحوث فرصة انضمامه إلى مشروع «دعم المخترع اللبناني»، الذي يديرونه، وتوقيع عقد بينه وبينهم يساعدونه بناء عليه على تصنيع الجهاز وتطويره في مصانع لبنانية.
لم تقتصر التجربة على ذلك، فقد كان من المفيد التعرف إلى شباب مبدعين من العالم العربي: أحدهم اقترح جهازاً يتيح للكرسي المتحرك التحرك بناءً على أمر من مستخدمه، أي عبر تلقّي «ذبذبات» أفكاره. آخر اقترح جهازاً يتيح شحن بطاريات الآلات كالمحمول والحاسوب لاسلكياً. وجميعها أفكار مميزة، إلا أن تنفيذها يحتاج إلى وقت وإلى أبحاث كثيرة ومعمقة، لا تصلح لبرنامج تلفزيوني خيض في أشهر ثلاثة، لذلك جرى استبعادها منه.
إلا أن في ذلك دليلاً على أننا «في العالم العربي نمتلك طاقات إبداعية تنقصها مراكز أبحاث تتيح تحويلها إلى واقع»، كما يقول بسام، مشيراً إلى أنه «ليس هناك من فكرة سيئة أو من فكرة جيدة في المطلق، بل هنالك أفكار وإبداعات مناسبة وتحقيقها مناسب». وصف «مناسبة» لا يعني فقط أن يكون المنتج يلبي حاجة فعلية وعملية، بل يعني أيضاً أن تكون مقوّمات تصنيع السلعة متوافرة في السوق المحلية، وأن يظل سعرها مقبولاً بعد التصنيع، وأن تلقى حماسة لدى المصنّعين أنفسهم لإنتاجها. فالمشكلة ليست في الأفكار، فهي موجودة، المشكلة في تخصيص الاهتمام والدعم الكافيين لتحقيقها.


فلاش باك
فضول علمي طفولي


كان «dexter’s lab»، برنامج الرسوم المتحركة عن الطفل العالم هو البرنامج المحبّب لبسام، الذي كان يهوى «فرط» الأجهزة الكهربائية في المنزل، وإخفاءها تحت سريره، ما كان يستدعي تأنيب والدته، تماماً كمحمد، الذي كان يستخدم ثلاجة منزله «مختبراً»، تفتحه الوالدة فتجد فيه «العجايب» كما يروي.


يحوي جهاز بسام لضبط الإيقاع مذياعاً يوصل بمفاتيح الأوتار، وذاكرة تخزَّن فيها النغمة الصحيحة لكل نوتة موسيقية. بعد أن
يُنقر الوتر، يستقبل الجهاز النغمة، ويقارنها بتلك المخزّنة، ثم يشد الوتر حتى تتماثل النغمة مع تلك الصحيحة

وجد محمد حلاً لـ«حروب الريموت كونترول» في السهرات الأسرية، ولمحبي
ألعاب الكومبيوتر. فبالنسبة إلى هؤلاء، بدل أن تقسم الشاشة إلى نصفين بين لاعبين متنافسين، سوف تكون الشاشة واحدة، ويتلقّى كل لاعب، على نظارته، إشارة الشاشة التي تعنيه فقط