رامي زريقلكل المحاصيل موسمان، إلّا الحشيشة. فإضافةً إلى موسمي الزرع والحصاد، هناك أيضاً موسم الإتلاف. وفي مثل هذه الأيام من كل عام، تبدأ الدولة العتيدة بزمجرتها المعهودة لتبشّر المواطن بحلوله، وتتحرك قوات الجيش والاستخبارات والأمن الداخلي، مصحوبةً بجرارات زراعية لتنقّب حقول القنّب الهندي. في المقابل، يهيّئ المزارعون أنفسهم للمواجهة المصيرية. يحفرون الخنادق ويشيّدون أبراج المراقبة ويتدججون بالسلاح ويستعدّون لأقصى التضحيات. يا لها من معضلة! فمن ناحية، هناك الدولة التي تسنّ القوانين وتنفّذها لخدمة المواطن وحمايته، وخاصةً في مناطق زراعة الحشيشة، حيث يشهد على ذلك انتشار المدارس الحكومية والجامعات والمصانع والخدمات الصحية الرفيعة المستوى فيها. ومن ناحية أخرى، هناك بعض المواطنين من ناكري الجميل، الذين يتهمونها بالإهمال ويطالبونها بوقاحة الالتفات نحوهم، رابطين معيشتهم بإنتاج الحشيشة. يدّعي هؤلاء أنها المحصول الوحيد الذي ينتج اقتصادياً في أراضيهم، مع أننا نعلم جميعاً أن البدائل كثيرة ومتوافرة، مثل دوّار الشمس الذي نجح نجاحاً باهراً لدرجة إغراق البلد بالزيت النباتي. وهناك أيضاً من يطالب بشرعنة زراعة الحشيشة، ذاهبين إلى حد اقتراح جعلها رمز شركة الطيران اللبنانية مرفقة بجملة «نحلّق عالياً». أما آخرون، فيريدون المحافظة عليها لمساهمتها في المقاومة، وقد أعلن الصهاينة أخيراً ارتشاء بعض ضبّاطهم بالحشيشة اللبنانية. ولا ندري إذا كان هذا ما يعنيه العدو عندما يتكلم عن «صواريخ» قد تخلّ بالتوازن الاستراتيجي. ومنهم من يذهب أبعد من ذلك في الفكر التآمري، متهماً سوريا بالسعي إلى تدمير المجتمع اللبناني من خلال الحشيشة، طارحين الإثبات الذي لا يدحض: «ما نفع الحشيشة من دون ورق الشام؟!».