«السجل الأبيض» تقرير وزير الداخلية زياد بارود عن أعمال الوزارة في عهده. تألف فريق الإعداد من ميرفت أبي خليل، وسابين رحيم وبشرى الدويهي، وأشرفت عليه ألين فرح
بيسان طي
مهما طالت الخلافات، فإن عهد الحكومة الحالية يقترب من الأفول. وقبل أن يعدّ الوزراء حقائب الرحيل، أعدّ وزير الداخلية والبلديات زياد بارود كتاباً عنوانه «السجل الأبيض، 345 يوماً في خدمة المواطنين».
الكتاب في 154 صفحة، يتوزع في سبعة فصول، إضافة إلى المقدمة وملحق صور. الفصل الأول عن «انتخابات اليوم الواحد»، يلفت الكتاب إلى أن الانتخابات النيابية الأخيرة مثّلت «التحدي الأكبر الذي واجهته الوزارة»، وقد شملت الاستعدادات عدة مراحل ونشاطات اطلع اللبنانيون على بعضها. وفي «السجل» الكثير من التفاصيل، فضلاً عن خطوات لم يُسلّط الضوء عليها، رغم أهميتها الكبيرة، كإضافة اسم الأم على القوائم الانتخابية.
في إطار الكلام على الممارسات الإيجابية، لا بد من التوقف عند قرار استبدال عبارة «لقيط» بعبارة «مولود حديث الولادة»، وإصدار تعميم يجيز عدم التصريح عن القيد الطائفي وشطبه، وهاتان الممارستان وردتا في الفصل الثاني من الكتاب وعنوانه «تعزيز المواطنة وحقوق الإنسان». الفصل الثالث «أمنِيات... وأمنيات» فيه عرض تفصيلي، فنقرأ عن توقيف شخص ينتمي إلى تنظيم إرهابي، ثم توقيف شبكة إرهابية.
تجربة بارود ناجحة، لكن هذه المسيرة تخللتها شوائب
في الفصل الرابع تفاصيل عن مهمات مرتبطة بـ«الدفاع المدني والحرائق والراحة العامة»، أما مواضيع «السير والحزم والحزام» فهي ما تناوله الفصل الخامس، وفيه تذكير تفصيلي، هذه المرة أيضاً، بحملات مهمة وقرارات صدرت عن الوزارة، كحملة السير.
قد يُفاجأ القارئ بعنوان الفصل السادس، وهو «اللامركزية الإدارية والإنماء المتوازن»، بسبب افتقار المناطق إلى مختلف أشكال التنمية، ما يجعل البلاد تغرق في النتائج السلبية والمتزايدة للمركزية الإدارية والتنموية و... التي تجعل من بيروت مدينة وحيدة بالمعنى المدني للكلام. لكن «سجل» بارود يتحدث عن تأليف لجنة استشارية مهمتها إجراء مسح لكل الدراسات والاقتراحات والمفاهيم التي وضعت عن اللامركزية، لتحديد هذا المفهوم والانطلاق نحو صياغة مشروع قانون عصري.
الفصل الأخير عن الاتفاقيات ومذكرات التفاهم مع إسبانيا وإيطاليا...
وفي الختام، موجز عن نشاطات مكتب وزير الداخلية والبلديات وصور للوزير بارود وفريقه في الوزارة في نشاطات متنوعة. الأبيض يطغى على الكتاب، ابتداءً من العنوان، انتقالاً إلى لون الغلاف والصفحات بالطبع، في ذلك ربما محاولة لتأكيد السجل الناصع كما أراد بارود تقديمه، مع اللفتة الذكية التي تضمنتها كلمته في المقدمة، حيث أشار إلى أن «السجل هو استرجاع لأبرز المحطات التي شهدتها وزارة الداخلية والبلديات في تلك الفترة (أي الفترة التي يحكي عنها الكتاب)، وهو استعراض لتجربة فيها من الشوائب ما فيها، ومن النجاحات ما فيها».
يطغى على الكتاب الطابع الأرشيفي، مادته رغم أهميتها مقدمة بأسلوب جاف، ما يجعل رواجه بين مختلف شرائح القراء أمراً صعباً. وقد عُرضت كل نشاطات الوزارة وممارساتها في عهد بارود تسلسلياً، ما يُفقد بعض المحطات تميازها.
من جهة ثانية، ثمة أخطاء صغيرة في الكتاب، خطأ في تسمية أحد السجون مثلاً. لا شك في أن تجربة بارود من أنجح التجارب في لبنان، وهو يتمتع بشعبية كبيرة بين المواطنين، لكن هذه المسيرة تخللتها شوائب، كما كتب بارود نفسه، وتخللتها أيضاً محطات غير مضيئة، منها توقيع اتفاقية مع «الوكالة الأميركية للتنمية» لتعزيز الممارسة الديموقراطية في لبنان واستمراريتها. وغني عن القول أن الدور الأميركي في هذا المجال محل نقاش كبير في العالم العربي، وأن الحرب على العراق وقعت تحت عنوان «دمقرطة» بلاد ما بين النهرين. القارئ وحده يمكنه أن يحدد لون السجل، وهو على الأرجح أبيض لكن بياضه ليس ناصعاً.