في الجامعة اللبنانيّة الأميركيّة (LAU) فرع جبيل صُنعت، ومن مطار حامات أقلعت. إنّها الطائرة التي صنعها طلاب قسم الهندسة الميكانيكية والصناعية، والتي تمكّنت من الإقلاع والطيران والهبوط بنجاح
جبيل ــ جوانّا عازار
كان مشروع الطائرة قد بدأ سنة 2007 مع المادّة الاختياريّة «Unconventional Aircraft Design» أي تصميم الطائرات غير التقليديّة، التي يدرّسها الدكتور ميشال خوري، حيث انقسم الطلاب الـ15 في قسمَي الهندسة الميكانيكية والصناعية إلى فرق ضمّ كلّ منها ثلاثة طلاب، وتنافسوا في ما بينهم على إنجاز تصاميم الطائرة تمهيداً لاختيار الأفضل منها حتى يُعتمَد ويُصَنَّع ويُنَفَّذ. خوري تحدّث في هذا الإطار عن صعوبات واجهت الطلاب، وخصوصاً أنّ تصميم الطائرات هو جديد بالنسبة إليهم، وفترة متابعتهم للمادة لم تتعدّ أربعة أشهر، مشيراً إلى أنّ «التحدّي الأكبر وُلد بعدما صنع طلاب قسم الهندسة الميكانيكيّة والصناعيّة في الجامعة سنة 2005 طائرة LAU1 التي كانت عاديّة، وبالتالي ترد طرق تصنيعها في الكتب العلميّة، فيما الطائرة الجديدة هي ذات مقاييس غير تقليديّة، وبالتالي لا وصفات جاهزة في الكتب لتطبيقها، بل يجب اختراع المعادلات وتنفيذ التجارب وتطبيقها على الأرض».
هي مختلفة ولا وصفات جاهزة في الكتب لتطبيقها
وكانت قد أُدخلت تعديلات على الطائرة سنة 2008 من بعض طلاب السنة الرابعة في الهندسة، وهم جمال الدايخ، علي رحّال وسليم شهاب الذين اعتمدوها مشروعاً نهائيّاً لتخرّجهم، الى أن اكتملت التعديلات التقنيّة النهائيّة لها من الدكتور خوري وثلاثة من طلابه، هم: فدى مجذوب، ريشار معوّض وجوزيف نجم. «الطائرة التي يبلغ طولها نحو مترين وعرضها نحو متر وثمانين سنتيمتراً هي غريبة نوعا ماً، وهي ذات جناحين، أحدهما وراء الآخر، ولا ذيل لها، وبالتالي من الصعب أن تبقي على توازنها» يشرح الدكتور خوري، مشيراً إلى أنّ تعديلات عديدة أُدخلت عليها ولم تفلح في الطيران لثلاث مرّات قبل أن تنجح في ذلك. ورغم أنّ تاريخ هذا النوع من الطائرات لم يكن مشجّعاً، إذ لم تتمكّن سوى واحدة منها من الطيران، إلا أن ثقة الدكتور خوري بالنجاح كانت كبيرة كما يقول، مردفاً بأنّ «LAU1 عاديّة، ونحن أردنا تنفيذ طائرة غير عاديّة»، فهو يرى أنّ الإنجاز يتمثّل في ما تمكّن الطلاب من تطبيقه على الأرض رغم غياب المعادلات في الكتب. وكان حجم الطائرة قد صُغّر إلى ثلاث مرّات أقلّ من التصميم الأصليّ بسبب الصعوبات اللوجستيّة والماليّة، حيث بلغت في النهاية كلفة تصنيعها بين أربعة وخمسة ملايين ليرة لبنانيّة، وهي مصنّعة من الألومينيوم، الخشب والنايلون.
وتحدّث عن المشروع الطالب جوزيف نجم الذي كان من الروّاد الثلاثة في مرحلة التصنيع الأولى، مشيراً إلى أنّ المرحلة الأولى اقتصرت على تصنيع الطائرة ككلّ من دون العمل على البنية الخاصّة فيها، وهذا ما تمّ في المرحلة اللاحقة، فضلاً عن تنفيذ تعديلات مهمّة مكّنت الطائرة من الطيران بنجاح بقيادة اليكسي كرم، الذي يعمل في الجامعة ويهوى قيادة الطائرات منذ أن كان في العاشرة.
كذلك، أشار نجم إلى أنّ هذه المادّة فتحت له باباً واسعاً وعرّفته عن كثب بعالم تصنيع الطائرات الذي بقي بالنسبة إليه لفترة طويلة نظريّاً وأعطته الخبرة في الاشتراك في التصنيع مع فريق عمل متجانس، قائلاً: «إنّ الصعوبة الأكبر تمثّلت في تطبيق المفاهيم الجديدة على الأرض». وفي هذا الإطار يقول الطالب ريشار معوّض: «نجحنا في تنفيذ الطائرة رغم الصعوبات التي واجهتنا»، مشيراً إلى أنّ الإفادة العلميّة كانت كبيرة بالنسبة إليه، وهي تفتح له إمكان متابعة التخصّص في هذا المجال. معوّض وصف شعوره عند إقلاع الطائرة بنجاح بأنّه «كفرحة الأمّ بطفلها عندما يسير للمرّة الأولى»، خاتماً بالقول: «نحن فخورون بأنفسنا». أمّا الطالبة فدى مجذوب، فتحدّثت عن عملها كغيرها سنة 2007 في المصنع لتنفيذ الطائرة، وصولاً إلى إقامة التعديلات الأخيرة عليها واللمسات النهائيّة لها قبل أن تطير، مشيرة إلى أنّ نجاح الطائرة في الإقلاع والطيران والهبوط هو نتيجة ساعات طويلة من العمل، لتختم قائلة: «كنّا واثقين من النجاح، واليوم اكتسبنا حماسة أكبر لهذا المجال وخبرة في عالم تصنيع الطائرات».
أمّا الحلم الجديد للدكتور خوري فيتمثّل بتصنيع طائرة ذات مقياس حقيقيّ Real Scale، ما لن يستعصي على من نجح وطلابه في تصنيع وتطيير طائرتين حتّى اليوم.