محمد نزاللم يكن المشهد في الضاحية الجنوبية لبيروت اعتيادياً، أول من أمس. ضُخّ التيار الكهربائي في «أوردة» إشارات السير الضوئية، الممتدة على طول أوتوستراد السيد هادي نصر الله. فبعد مضيّ نحو 6 أشهر على وضع هذه الإشارات، جاء موعد تفعيلها.
ردود فعل الأهالي كانت إيجابية، إذ إن التزام سائقي السيارات بحركة الأضواء الثلاثة كان شبه تامّ، فضلاً عن التزام لافت من جانب سائقي الدراجات النارية. «إن التعطّش إلى النظام يؤدي إلى ما تراه من نهم تفاعلي»، بهذه الكلمات أجاب مسؤول بلدي في الضاحية، عن سؤال بشأن رأيه في الحدث، وفي تفاعل المواطنين معه. «فلتتعامل الدولة معنا كمواطنين لدينا حقوق، وبعد ذلك نثبت أننا من أشد المتمسكين بالقانون» كلمات يقولها المواطن طارق عيسى على عجل، أثناء مروره بسيارته تحت الجسر، الذي يربط طريق المطار بمنطقة الحازمية. شدّت العواميد المرتفعة أنظار المارّة خلال اليومين الماضيين، وكانت هي الأكثر بروزاً، رغم امتلاء الشوارع بالأضواء والزينة الرمضانية. حالة من الفرحة «الجديدة» تطل من عيون أبناء المنطقة، بيد أن علي مزنّر، الشاب العشريني، يصرّ على إظهار نقمته «مع أنني وإن كنت أخالف النظام أحياناً، أبقى مع السير على أساسه كمبدأ». ينظر علي إلى أعمدة إشارات السير وهي تتناوب الإضاءة بين الأحمر والأخضر والبرتقالي «ليش وين عم تجي الكهرباء متل العالم والناس لحتى تشتغل إشارات السير، وبعدين يجيبولي الكهرباء على البيت أولاً وما بدي اياها بالطرقات».
يصعب فصل أي نشاط يُقام في الضاحية عن الإطار السياسي. خلاصة يؤكدها المواطن كمال فحص في حديثه عن إشارات السير الجديدة، فيقول: «هذه الخطوة وسواها دليل على صدق الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، الذي وعد بعد حرب تموز 2006 بأن الضاحية الجنوبية ستعمّر من جديد، بل وستعود أجمل مما كانت عليه. وها هو الوعد يصدق مرّة أخرى».
من جهته، يلفت رئيس بلدية برج البراجنة محمد الحركة إلى أن بعض إشارات السير الكهربائية في منطقة طريق المطار، لم تشغّل بعد «علماً أنها باتت جاهزة من الناحية التقنية، ولكن لا تزال تنقصها التغذية بالتيار الكهربائي، بحسب ما أكّدت لنا الشركة اللبنانية المتعهدة إنجاز المشروع». وأشار الحركة إلى عدم إمكان وضع مثل هذه الإشارات في كل شوارع برج البراجنة، نظراً «لضيق بعض الطرقات وعدم صلاحيتها، ما يؤدي بالتالي إلى عدم إمكان التنظيم، حتى مع وجود إشارات ضوئية، ولكن يمكننا الاستفادة منها إذا وُضعت على طريق المطار عند مفرق الرسول الأعظم المؤدي إلى ساحة عين السكّة». بدوره هنّأ رئيس بلدية حارة حريك، سمير دكّاش، المواطنين في الضاحية الجنوبية «مع افتتاح مشروع النقل الحضري، الذي تعدّ إشارات السير الضوئية جزءاً أساسياً منه، ولذلك نتمنّى على المواطنين أن يتعاونوا معنا في هذا المجال لما فيه مصلحة للمنطقة كلها». ولفت في حديثه إلى أنّ بلديات المنطقة «سوف تنفّذ قريباً خطة سير شاملة في كل مناطق الضاحية». وأشار دكّاش إلى أن بعض الأعمدة في حارة حريك لم يُتح افتتاحها بعد.
كان مسؤول تقني معني بالجانب الفني في مشروع إشارات السير في الضاحية، قد أشار في حديث مع «الأخبار» إلى وجود دراسة تلحظ التغيّر المستمر الذي يطرأ على الشوارع المكتظة بالسكان، وذلك لناحية إمكان تشييد مبانٍ جديدة، وخصوصاً في ضوء حالة إعادة الإعمار التي تعيشها الضاحية. أما عن المعوّقات التي تؤخّر عمل بعض الإشارات، فهي تتعلق بإجراء اتصالات مع «أوجيرو»، بحسب ما أكد المسؤول التقني، الذي أشار إلى أن المفاوضات جارية مع البلديات لتزويد الإشارات بالكهرباء، على الرغم من توفير الشركة المتعهدة وحدات بديلة للتزويد بالطاقة (UPS).