خلينا نعمل ثورة»، اقترح فراس في اجتماع ضمه وستة من زملائه منذ سنتين في ملعب المدرسة التي يرتادونها. جملة بدأت تندراً إلا أنها أفضت إلى إنشاء موقع إلكتروني على الإنترنت تحت عنوان «مضاد للسياسيين»، يعبّر فيه الشباب عن سخطهم برسومات كاريكاتورية ونصوص بأكثر من لغة
النبطية ــ كامل جابر
ترددت جملة «خلينا نعمل ثورة» أكثر من مرة في ذاك الاجتماع الجانبي الذي كان يدور في زاوية الملعب بين ستة من تلامذة المرحلة الثانوية النهائية في ثانوية السيدة للراهبات الأنطونيات في النبطية، مطلع عام 2008. مناسبتها كان ذروة التوتر والاحتقان السياسي والطائفي، التي وصلت إليها البلاد في تلك الفترة، مصحوبة بالفراغ الرئاسي. أما مرددوها، فكانوا التلامذة: إكرام شاعر، مايا سعيد، فراس مراد، حنان قانصو، سارة حوماني وكريم الغول.
«لم أكن أنا صاحبة فكرة إنشاء الموقع الإلكتروني، كانت فكرة مايا وفراس وحنان، وخصوصاً أن أسئلتنا جميعاً كانت تدور حول الفراغ الرئاسي، حاضِر الشباب المتخبط في هذا المأزق السياسي، الاعتصام، التعطيل في الجامعات وصعوبة الوصول إليها، وخصوصاً بعد أحداث الجامعة العربية، هجرة الشباب بالجملة»، تقول إكرام.
وزع الشباب والصبايا، وكلهم دون الثامنة عشرة، المهمات في ما بينهم، «إكرام هي بمثابة رئيس التحرير»، تقول مايا. إلى جانبها، تساهم حنان وسارة في كتابة القطع الأدبية والنقدية والعديد من القصائد، بينما تخصص مايا وفراس في الرسم والكاريكاتور لتزيّن رسومهما النقدية الموقع، الذي يديره كريم، المسؤول الفني.
اللافت في الموقع أنه متعدد اللغات؛ يحمل مواضيع وكتابات وقصائد بالعربية والإنكليزية والفرنسية والإسبانية والروسية، إلى قليل من الألمانية. «تعبت كثيراً في طباعة إحدى مقالاتي باللغة الروسية، وخصوصاً لجهة صعوبة إيجاد أحرف اللغة على الكومبيوتر»، تقول إكرام التي تعرف مبادئ اللغة من والدها الطبيب المتخصص في الاتحاد السوفياتي وأمها الأوكرانية. أما اللغة الإسبانية فهي من اختصاص مايا.
«هذا الموقع ضد السياسيين لا ضد السياسة، إذ إن السياسة علم»، تقول مايا، لتردف إكرام: «نحن أصلاً هواة علوم وتكنولوجيا، جمعنا الأفكار عن حبّ التغيير، مع أن الأمر لم يكن سهلاً علينا، لجهة التنفيذ ولجهة ما لاقيناه من اعتراض بيئتنا الطالبية، إذ إننا لم نلق تشجيعاً سوى من أهلنا».
الصعوبات التي تتحدث عنها إكرام تعزوها مايا إلى «الميول السياسية وربما المذهبية لدى البعض من رفاقنا، الذين يتأثرون طبعاً بمحيطهم وعائلاتهم». أما كريم فيعتبر الموقع «شغلة على قدنا، لم نفكر بجريدة أو مجلة، وسيلتنا الإنترنت التي تتوجه إلى كل العالم من دون أي حدود ولا تحتاج إلى ترخيص. عبّرنا من خلالها عن أوجاعنا. لم نوجه النقد المباشر لأي اسم سياسي بعينه، بل انتقدنا الطبقة الحاكمة وتناولنا الحياة الاجتماعية، انتقدنا الطائفية والهجرة، وزعنا المهمات والأدوار التي مثلت رسائل مدروسة وهادفة».
بلغ عدد زائري الموقع (www.anti-politicians.piczo.com) 1136M زائراً حتى الآن، رغم أن الدروس التي سبقت الامتحانات الرسمية لهذا العام (2009) قد سبّبت «إهمال الموقع قليلاً» كما تعترف حنان قانصو، مردفة «لكن، بعد صدور النتائج، وحصول معظمنا على درجة جيد جداً، عدنا إلى الموقع، ونكثف اليوم الجهد في سبيل تعزيزه»، رغم أن حنان قد اختارت، مع رفيقتها مايا، الدراسة في جامعات فرنسا «لكن قلوبنا ستبقى ها هنا وسنتواصل عبر الإنترنت مع رفاقنا، وفي رفد الموقع بالكتابة والرسم؛ وربما نصبح بمثابة مراسلتين للموقع من فرنسا» كما تؤكد.
تعتبر سارة حوماني أن «أحسن شيء فعلناه هو هذا الموقع». على صفحاته نشرت قصائدها باللغة الإنكليزية.


آن الأوان لتغيير الحكام

نظامنا يكرّس الطائفية والمذهبية ويعيد إنتاج الطبقة الحاكمة ذاتها. لذلك دعونا عبر موقعنا إلى ضرورة تغيير الطاقم السياسي الحاكم الذي صنع الحرب الأهلية وهو اليوم سيد السلم الأهلي»، تقول إكرام التي كتبت في أحد نصوصها على الموقع «آن الأوان لتسمع ما سأقوله لك لأنني سئمت من سماع زعيقك كل يوم فوق المنابر. آن الأوان لتقرأ لائحة مطالبي، مثلما فرضت عليّ فاتورة الضرائب المجحفة الطويلة. آن الأوان لكي أخلع عنك قفازات المخمل وأظهر مخالبك الحادة التي علقت بها نتف من لحمي، وأسترجع منك عباءة الشرعية التي بها مسحت كل وحول التملق على طريق بيروت ــــ دمشق، وبيروت ــــ واشنطن؛ وأوقفك «حافياً وعارياً»، كما أيبست في صقيع الشتاء والجوع عروقي ومفاصلي».