عاد الهدوء إلى بلدة بقاعصفرين الشمالية، أمس، رغم إصرار أهل الضحية على عدم تلقي التعازي بابنهم، وسط تدخلات «دبلوماسية» لحماية زوجة المرشح، الذي يتهم الأهل مرافقيه بارتكاب الجريمة
الضنية ـ عبد الكافي الصمد
عاد الهدوء تدريجياً إلى بلدة بقاعصفرين ــــ الضنية، أمس، بعد الخلاف الدموي، الذي وقع مساء الأحد الماضي، وأدى إلى سقوط قتيل و4 جرحى، فيما عمل الجيش اللبناني على تخفيف إجراءاته الأمنية وانتشاره في شوارع البلدة، التي شهدت عودة الحركة إليها طبيعية، كما فتحت أغلب المحال التجارية والمقاهي أبوابها كالمعتاد أمام الزبائن والرواد. وفي موازاة ذلك، لزم ذوو القتيل علي ضاهر (33 عاماً) منازلهم، رافضين تقبّل التعازي بنجلهم في قاعة المناسبات الاجتماعية التابعة لمسجد البلدة، قبل اعتقال الجناة الذين أطلقوا النار عليه وأردوه، وهم 4 مرافقين تابعين لمرشح سابق للانتخابات النيابية، أفادت مصادر أمنية بأنه أوقف شقيق المرشح وشقيق زوجته على ذمة التحقيق، وأن التحريات جارية لمعرفة ملابسات الحادثة وكشف الفاعلين تمهيداً لتوقيفهم وإحالتهم إلى القضاء. وكان لافتاً، التعاطف الكبير مع أهالي الضحية، من أهالي البلدة والمصطافين فيها. وفي سياق منفصل، قام عناصر الأدلة الجنائية أمس، بالكشف على مكان
طلبت السفارة الأوسترالية حماية زوجة المرشح السابق
الجريمة، بهدف جمع الأدلة ورفع البصمات، بعدما تعذر عليهم القيام بعملهم يوم الأحد الماضي، نتيجة التوتر الشديد الذي ساد البلدة في أعقاب الحادثة، وردة الفعل العنيفة التي قام بها الأهالي تجاه القوى الأمنية. ومن جهة أخرى، عزز الجيش اللبناني عناصره وإجراءاته في موقعه الكائن عند أطراف البلدة وفي محيط فيلا المرشح السابق للانتخابات، فمنع اقتراب أحد منها بعد محاولات الاعتداء عليها مساء الأحد. وأشارت مصادر أمنية لـ«الأخبار» إلى أن «السفارة الأوسترالية في بيروت أجرت اتصالات عاجلة مساء الأحد بقيادات سياسية وأمنية لبنانية طلبت منها تأمين الحماية لزوجة المرشح التي تحمل الجنسية الأوسترالية، وأنها نُقلت مع أفراد عائلتها إلى مكان آمن خارج البلدة». ولم تقتصر الإجراءات الأمنية عند هذا الحد، بل إن أكثر من 500 مزارع من أبناء البلدة الذين يتوجهون عادة يومياً إلى أراضيهم في منطقة جرد النجاص الواقعة في جرود المنطقة، خضعوا عند حاجز الجيش اللبناني الكائن في الناحية الشرقية لبقاعصفرين لإجراءات تفتيش وتدقيق شديدة، وخصوصاً أن الطريق الوحيدة التي يسلكونها إلى أراضيهم الزراعية التي يعملون بها صيفاً فقط، تمر بالقرب من فيلا المرشح التي ضرب الجيش طوقاً أمنياً شديداً حولها، بعد سريان شائعات وأحاديث كثيرة في أوساط البلدة، أن أهلها قد عبروا عن رفضهم المطلق عودة المرشح المذكور للسكن في فيلته في بقاعصفرين، وأنه إذا فعل ذلك فإن عليه وعلى الجهات الأمنية المختصة تحمل مسؤولية هذا الأمر وعواقبه لجهة ردة فعل الأهالي، في موازاة سعي حثيث لوجهاء وفاعليات العائلات في بقاعصفرين لثني بعض الشبان عن محاولتهم الاعتداء على الفيلا مجدداً، حتى لا يؤثر «تهوّرهم» على موسم الاصطياف في البلدة مرة ثانية.
لفت عدد من المزراعين الذين كانوا في طريقهم إلى جرد النجاص (ممن التقتهم «الأخبار»)، إلى أن كميات كبيرة من أعيرة الرصاص الفارغة شوهدت في باحة الفيلا الخارجية، ما يدل حسب رأيهم على حصول إطلاق نار كثيف من حراس الفيلا مساء الأحد باتجاه المحتجين، الذين ثارت ثائرتهم وهاجموها بعد الحادثة وكانوا ينوون إحراقها. وعلى صعيد آخر، سجل يوم أمس عودة قسم كبير من المصطافين إلى بعاصفرين (علماً بأن أغلبيتهم من مدينة طرابلس وجوارها) إلى البلدة تدريجياً بعد نزوحهم منها مساء الأحد وقبل ظهر الاثنين، إضافة إلى ذلك، شهد السوق الرئيسي في البلدة حركة مقبولة أمس، وخصوصاً بالنسبة لبيع السلع الزراعية المنتجة محلياً، بعد عودة الهدوء إلى البلدة بسبب أجواء التوتر التي لا تزال تخيم على طرابلس، منذ وقوع الحادثة المؤسفة.