طرابلس ـــ فريد بو فرنسيسيحاول محمود العال (ثلاثون عاماً)، بصعوبة كبيرة، أن يمرّ بعربته الجوالة المحمّلة صناديق الخضار المنوعة، بين أرتال السيارات المتوقفة إلى جانب الطريق والمارّة، في محلة سوق الخضار في منطقة التبانة المجاورة لنهر أبو علي. يبذل البائع جهداً كبيراً للتركيز وهو يجرّ بسطته النقالة بإتقان وانتباه شديدين كي لا ترتطم بأي سيارة مارّة أيضاً، بعدما ضيّقت الحفريات التي تقوم بها الشركة المنفذة لأعمال سقف النهر والمنطقة المحيطة ضمن مشروع الإرث الثقافي الذي ينفَّذ في مدينة طرابلس، الطريق الذي يفصل بين السوق ومجرى نهر أبو علي، من جهة، وسيارات المتسوقين المتوقفة إلى جانب السوق بكثافة وعشوائية. «نأمل أن تنتهي الأعمال بالسرعة المطلوبة كي نعود الى عملنا طبيعياً، نحن اليوم نكافح ونبذل مجهوداً إضافياً لمواجهة أعمال الحفر والعدة المنتشرة بين أكشاك السوق، نتنقل بحذر ونهدر وقتاً كبيراً لإيصال صناديق الخضار من السوق الرئيسي للخضار في التبانة إلى الأكشاك الصغيرة والعربات المتنقلة المنتشرة في هذا المحيط».
لم يعد المرور في سوق الخضار في منطقة التبانة المجاورة لنهر أبو علي بالأمر السهل. الجرافات تعمل وسط الطريق، محدثة زحمة سير خانقة على المدخل الشرقي للمدينة، رغم أن الشركة المتعهدة قد لجأت إلى استحداث ممرات، ولو ضيقة للسيارات المقبلة من هذه الجهة إلى السوق، ومنه إلى وسط المدينة تفادياً لزحمة السير. شاحنات تنقل باستمرار موادّ إسمنتية تفرغها على سقف النهر تمهيداً لبدء أعمال «رصف البلاط». ورشة عمل تسير بوتيرة سريعة، والعمال على السقف يعملون على إنهاء تركيب ما بقي من الأعمدة الحديدية المخصصة للمحالّ التي ستستقبل سوق الخضار الجديد. وعند تقاطع طريق قلعة طرابلس ـــــ الجسر ـــــ القبة لا يختلف الوضع كثيراً، زحمة سير خانقة بالاتجاهين، وخاصة بعدما عمدت الشركة المنفّذة للمشروع إلى تحويل وجهة السير إلى خطين صعوداً ونزولاً من منطقة القبة باتجاه التبانة وطرابلس، بعدما أقفلت خط الصعود الرئيسي من طرابلس باتجاه القبة ريثما تنتهي الأعمال فيه.
على الضفة الأخرى لمجرى النهر، لا يختلف الوضع كثيراً. أصحاب المحالّ التجارية المنتشرة في محيط المكان يعوّلون على الانتهاء بسرعة من الورشة الضخمة، علّ الحركة الاقتصادية والتجارية تعود إلى ما كانت عليه، على الأقل في السابق، إذ «الحركة خفّت كثيراً اليوم، ونحن نأمل الانتهاء من المشروع بسرعة، رغم أننا حتى الآن لا ندري كيف ستصبح المنطقة وما هي المحالّ التي ستحظى بمكان فوق السطح» كما يقول بيبرس قلاوون، صاحب مكتبة على ضفة أبو علي مجاورة لأعمال السقف. ويضيف: «حركة السير المزدحمة في هذه المنطقة تمنع الكثير من الزبائن من التوقف لشراء حاجاتهم من محالّنا. قطعوا رزقنا وخفّت الحركة بنسبة كبيرة، وبالرغم من أننا مع المشروع، إلا أننا لا نستطيع الصمود كثيراً داخل هذه الفوضى العارمة التي يُسهم فيها الإيقاف العشوائي للسيارات وتقنين مرور المشاة من جهة إلى أخرى».
ويعلق رئيس بلدية طرابلس المهندس رشيد الجمالي على الموضوع بالقول: «دور البلدية يقتصر على مراقبة سير الأعمال، والمشروع يسير وفق المهلة الزمنية المقررة له التي من المتوقع أن تنتهي مع نهاية عام 2009. لكننا تمنينا على الشركة المتعهدة تسريع الأعمال قدر الإمكان لتفادي بعض المشكلات المتعلقة بحركة السير والتنقل، وقد قطعنا شوطاً كبيراً في هذا الاتجاه، وهناك قسم من المشروع سيُنجَز في القريب العاجل».


مشروع سقف النهر

يُعَدُّ مشروع سقف نهر أبو علي ومحيطه، مشروعاً حيوياً، بعدما اتسعت أعمال التجارة في تلك المنطقة، وخاصة تجارة الخضار والفاكهة. ويقوم المشروع الذي ينفَّذ حالياً، على سقف نحو 300 متر من مجرى النهر، انطلاقاً من باحة جامع البرطاسي نزولاً باتجاه البحر، مع إنشاء محالّ صغيرة لأصحاب البسطات، بعد إزالتها كاملاً من محيط تلك المنطقة لتجميلها وحلّ مشكلة السير على جانبي النهر.
ومن المقرر أن تتحول المنطقة إلى أوتوستراد واسع على خطين. ويلحظ المشروع إنشاء حديقة عامة في محيط الجامع المذكور، واستحداث ممرات للمشاة ومواقف للسيارات، فضلاً عن الأعمال الجارية على الطريق العام المؤدي إلى مدينة زغرتا من الجهة الشرقية لمدينة طرابلس، ومدخل منطقة أبي سمراء، وقد وُسِّعَ الطريق كثيراً.