كامل جابرأكثر من مفكّر وكاتب سياسي ومناضل (سابق؟). إنّه يختزن وحده ذاكرة جيل، ومرحلة، وبلد. في حاريص (جنوب لبنان)، ولد كريم مروة عام 1930. ختم القرآن وهو الثامنة من عمره، وتميّز في مدرسة القرية، إلى حدّ «أن العائلة وعلى رأسها كامل مروة فكّرت في إرسالي إلى أميركا، فيما كان والدي يفكِّر في إرسالي إلى النجف».
في عام 1947، أرسله والده إلى العراق ليكمل دراسته عند ابن عمه حسين مروة «الذي تخلّى عن العمامة وأخذ يدرّس هناك». وحين وقعت انتفاضة 1948 (الوثبة) ضد معاهدة «بورت سموث»، شارك في تظاهراتها و«صرت شيوعياً. كنت قومياً عربياً وكانت عندي أحلام عن فلسطين ولبنان والوحدة العربية. الفكر الاشتراكي أغراني. وصرت أقرأ».
بسبب انتكاسة «الوثبة»، عاد إلى لبنان سنة 1949، فعيّن لسنتين معلّماً في شمسطار (قرب بعلبك). وفي 1952، دخل «دار المعلمين» وتسجّل في قسم الأدب العربي في «الجامعة اللبنانيّة». قبل انتهاء السنة الجامعية الأولى، ترأس وفد «الشبيبة الديموقراطية اللبنانية ـــ السورية» إلى المؤتمر العالمي لـ«اتحاد الشباب الديموقراطي». وهناك انتُخب عضواً في اللجنة التنفيذية وفي الهيئة القيادية اليومية للاتحاد. في الخمسينيات، شارك في تحرير جريدة الحزب في سوريا «النور»، ثمّ وقعت ثورة 1958، فعاد إلى لبنان. «التحقت بالمقاومة وكنت مسؤولاً عن مستودع السلاح والحرس في أحد مراكز المقاومة في منطقة قصقص. وبقيت حتى انتهت الحرب».
تأثر بدايةً بجبران وميخائيل نعيمة وطه حسين. ثم لاحقاً بسلامة موسى الاشتراكي. في 1959، تأسست جريدة «النداء» فعمل فيها وصار لاحقاً رئيس تحريرها، ليتركها بعدما صار السكرتير الثاني في منظمة بيروت الكبرى التي تمتد من ضبيه إلى الناعمة، إلى وادي شحرور. وفي 1962، سافر إلى فيينا (النمسا)، إثر انتخابه عضواً في مجلس السلم العالمي، مسؤولاً عن آسيا وأفريقيا في المجلس. وبعد انفصال «الحزب الشيوعي اللبناني» عن السوري، أرسل نقولا شاوي بطلبه وعُين عضواً مرشحاً للمكتب السياسي.
في 1966، صار عضواً أصيلاً في المكتب السياسي وفي أمانة الحزب، هو وجورج حاوي. في هذه الفترة، انفجرت أزمة الحزب بمواجهة «الحرس القديم. أنا وجورج فجّرناها». استمرت الأزمة أشهراً، و«تقرر إرسالي إلى موسكو لإعادة تأهيلي في المدرسة الحزبية الأممية». اشتدت الأزمة حتى بلغت حدّ «تدخل السوفيات بفظاظة، وكان من أبشع مظاهر هذا التدخل اتهام جورج حاوي بالعمالة للاستخبارات الأميركية! استمرت الأزمة حتى عُقد المؤتمر الثاني (المؤتمر الأول كان سنة 1943)، واتخذنا قرارات تاريخية حررت الحزب من العقد القديمة، ومن علاقتنا غير المشروطة بالاتحاد السوفياتي. ثم في المؤتمر الثالث سنة 1972، أعدنا النظر في بعض مفاهيم ماركس، تخلّينا فيها عن ديكتاتورية البروليتاريا واعتبرناها غلطة تاريخية، وأكدنا أنّ الاشتراكية هي ديموقراطية في أساسها، وأعدنا الاعتبار إلى القضية القومية وقضية فلسطين... وكبر الحزب. لكن المؤسف أنّنا دخلنا الحرب الأهلية سنة 1975، التي تركت نتائج سلبية على مواقفنا الجديدة».
في سنة 1984، بدأ كريم مروة يطرح أفكاراً عن الماركسية العربية، وكتب بحثاً في مجلة «الطريق»، معتبراً أن هناك أزمة في الماركسية في البلدان العربية، مقترحاً إحداث تغيير في «أفكارنا الماركسية». وفي 1987 اغتيل حسين مروة، بعد معارك خاضها الحزب مع «حركة أمل»، و«كنت في موقع المسؤولية في تلك المعارك». بعدها، جاء اغتيال مهدي عامل (حسن حمدان) وقبلها سهيل طويلة وخليل نعوس وميشال واكد. «كانت تلك المرحلة من أسوأ ما شهدناه في الحرب الأهلية. لكن اغتيال جورج حاوي عام 2005 كان فجيعة. لم يكن في تنظيم سياسي ولا في تنظيم عسكري! سألتني لجنة التحقيق الدولية عمن اغتال جورج حاوي. قلت: لم أرَ أحداً قام بالاغتيال. لكن أقول إنّه في المرحلة التي كنا فيها نحن وسوريا على خلاف، حتى لو كانت إسرائيل هي صانعة هذه الاغتيالات، يكون المسؤول السياسي عن هذه الاغتيالات سوريا».
في المؤتمر الثامن للحزب 1999، قرر «أبو أحمد» عدم ترشيح نفسه لأي منصب، لكن المؤتمر انتخبه غيابياً عضواً في المجلس الوطني، فردّ «أشكركم على ثقتكم. أنا خدمت عسكريتي ولن أتابع، أنا مختلف معكم في السياسة، فلا تربكوني وتربكوا أنفسكم بي». هكذا وضع مسافة بينه وبين العمل السياسي المباشر. وانصرف إلى التأليف، لتطول قائمة مؤلفاته منذ 1974 بينها: «حوار الايديولوجيات» (1997)، و«جدل الصراع مع إسرائيل وجدل السلام معها» (1994)، و«عشية أفول الإمبراطورية، أسئلة حول موقعنا في عالم الغد» (2003). لقد بات، وإن تحاشى إعلانها بوضوح، من أعضاء نادي«الرفاق السابقين»... مكتفياً بالتفكير والدعوة إلى الحوار والتغيير، وبناء الدولة الحديثة.


5 تواريخ

1930
الولادة في بلدة حاريص في جنوب لبنان

1948
الانتساب إلى «الحزب الشيوعي العراقي»، ثم «الحزب الشيوعي اللبناني»

1999
ابتعد عن الحزب الشيوعي بعد 35 سنة

2002
صدور «نحو جمهورية ثالثة» (الفارابي)

2009
يواصل المراجعة الفكريّة لتجربته، كما تجسّدت العام الماضي في «في البحث عن المستقبل» و«الشيوعيّون الأربعة الكبار» (الساقي)