يستغل بعض الطلاب الصيف للعمل، فيتجهون نحو وظائف تدرّ عليهم بعض المال الذي يساعدهم في تسديد أقساط الجامعة. بماذا يعمل هؤلاء وفي أية ظروف؟
أيمن القادري
لم ينوِ أنطوني بيضون (18عاماً)، الذي أنهى المرحلة الثانوية أن يعمل خلال الصيف، لكنّ مدخول الأسرة الشهري لا يسمح له بأن يسدد قسط الجامعة، ما اضطره للعمل في أحد مطاعم في الأشرفية من الثالثة بعد الظهر حتى منتصف الليل. يصف أنطوني عمله «بالتعتيل» قائلاً: «أقف على قدميّ 8 ساعات أغسل الصحون. أنا ابن حلاق ومهنة أبي لا تستطيع أن تعلمني، وبالتالي أتحمل كل التعب الجسدي والنفسي للحصول على خمسمئة دولار في الشهر».
«فانيلا كريم فرابوتشينو». هذا ما يصرخ به طالب إدارة الأعمال سلام نصار (20 سنة) في مقهى ستاربكس يومياً. يعمل سلام تسع ساعات متتالية دون توقف. يتحدث عن معاناته «الزباين مش عم بيخلوني حتى آكل لقمتي، في أكتر من هيك معاناة؟»، شارحاً «أنا أدرس في جامعة الحكمة ومعاش والدي لا يكفي لتسديد كامل القسط لذلك أضطر للعمل». أكثر ما يضايق سلام ويتعبه نفسياً هو أنّه يسكن في بيروت بعيداً عن أهله الذين يعيشون في بلدة إبل السقي الجنوبية فلا يراهم إلا يوماً واحداً في الأسبوع، عندما يحصل على إجازة.
بعض الطلاب يعملون في الشتاء أيضاً لا صيفاً فقط
أما الطالب في الجامعة العربية المفتوحة هاني السّعدي (21سنة)، فيعمل خلال الصيف في محل للهواتف الخلوية في منطقة الكولا. يقول «نحن الطلاب نأخذ إجازتنا الصيفية لنرتاح قليلاً من همّ الدرس، ولكنّني أشعر بالقرف من هذا الصيف لأنّني أمضيه غارقاً بين الهواتف الخلوية، فلا أرى أهلي ولا أصحابي إذ إنني محكوم بالعمل من التاسعة صباحاً حتى التاسعة مساءً حداً أدنى يومياً دون أية إجازة». يحصل هاني على خمسمئة دولار شهرياً تساعده في متابعة التحصيل العلمي، ولكنه يفتش عن عمل آخر أكثر راحة يحصل فيه على إجازة ولو ليوم واحد في الأسبوع.
الوضع مماثل لنيفين جرجس (20 سنة) التي أنهت دراستها الثانوية، واتجهت فوراً للعمل في محل للثياب والأحذية مقابل خمسمئة دولار شهرياً تساعدها في دخول الجامعة. فوالد نيفين لا يعمل ووالدتها موظفة في السنترال والمدخول الشهري بالكاد يكفي مصروف المنزل. وهذا ما دفع نيفين للعمل وتحمل التعب الجسدي الذي يسبّبه وقوفها على قدميها من السادسة مساءً حتى الحادية عشرة والنصف ليلاً.
حتى وظيفة سائق التاكسي لم تسلم من أيدي طلاب الجامعة، فكان محمد يقطين (23عاماً) يستأجر السيارات ويستخدمها لينقل الركاب. ولكنّه ترك هذا العمل في أول تموز ليعمل في مجال الإلكترونيك. وبالرغم من أنّ الراتب الذي يتقاضاه قليل، إلا أنه راض عنه لأنه يعمل ضمن اختصاصه. يقول محمد «لا تكفيني الخمسمئة ألف ليرة في الشهر لتأمين قسط الجامعة، ولهذا يساعدني أبي بتأمين القسم الأكبر منه». ويشير محمد إلى أنّه يفتش دوماً في الصحف عن وظيفة مسائية تساعده في زيادة مدخوله.
وهناك طلاب يعملون صيفاً وشتاءً، وليس فقط في فصل الراحة. فالطالبة نور عز الدين (19سنة) التي تدرس الإعلام في الجامعة اللبنانية تعمل مُحاسبة في أحد المجمعات التجارية. ففي أيام الجامعة لا تكاد تنهي دوامها الدراسي حتى تتوجه إلى عملها. تقول نور: «أعمل للتسلية ولتمضية الوقت وليس فقط لتسديد قسط الجامعة، ولكن العمل في فصل الصيف متعب أكثر من العمل في الشتاء لأن الزبائن تكثر في الصيف لكثرة السياح والمغتربين الذين يزورون لبنان».