البقاع ـ عفيف ديابقبل ساعة من موعد إفطار غروب أمس، توقفت أعمال الحفر والتنقيب، التي كانت قد انطلقت منذ الصباح، داخل مقام الخضر في قرية عين عرب البقاعية من دون الوصول إلى نتيجة تذكر، عن وجود كنز عثماني تردّد أنه مطمور داخل مغارة تحت حرم المقام.
وكانت أعمال الحفر والتنقيب قد استؤنفت أمس، بعدما أطلق شرارتها يوم الجمعة الماضي الوزير محمد شطح (راجع «الأخبار» العدد 908)، وسط شكوك أهالي عين عرب. هؤلاء اجتمعوا صباح أمس في قاعة مسجد البلدة مع رئيس دائرة الأوقاف الإسلامية في البقاع الشيخ محمد عبد الرحمن، والمحامي عمر الجمال، اللذين كلّفهما مفتي البقاع الشيخ خليل الميس إبلاغ الأهالي بما جرى التوصل إليه من اتفاق مع رئيس حكومة تصريف الأعمال فؤاد السنيورة أول من أمس. وقد قال الشيخ عبد الرحمن لـ«الأخبار» إن مقام الخضر في عين عرب، حسب الصحيفة العقارية، هو «ملك الأوقاف الإسلامية، ونحن اتفقنا مع الدولة على أن تباشر الحفر وتأخذ كل جهة حقّها إذا تبيّنت صحة المعلومات التي هي بحوزتها». وأضاف «أهالي عين عرب ونحن معهم، نعتقد أن وجود كنز هنا مجرد أوهام، ولكن لا يمكننا أن نتعاطى مع الأمر بسلبيّة، ولا سيما أن الدولة هي التي تتابع الموضوع. ونحن وافقنا مع الدولة على القيام بالحفر لإزالة الهواجس الموجودة لدى كثير من الناس». ونفى عبد الرحمن أن تكون دائرة الأوقاف الإسلامية قد التقت أو اجتمعت مع عالم الآثار الأردني و«لم نطلع على وثائق قيل إنها موجودة معه، ولكن وزير المال أكد لنا وجود وثائق».
يصرّ عالم الآثار الأردني الدكتور أحمد محمود عز الدين، على أن الوثيقة التي سلّمها إلى وزير المال محمد شطح وثيقة عثمانية تعود إلى عام 1918، وتؤكّد وجود الكنز الذهبي. ويقول إن «عملية الحفر والتنقيب تحتاج إلى وقت، وعلينا أن نتحلّى بالصبر كي نصل إلى هدفنا». وكشف عز الدين لـ«الأخبار» أنه زار عين عرب قبل سنوات، وأجرى بحثاً معمّقاً ودراسات موسّعة للتأكد من صحة الوثيقة العثمانية التي كانت بحوزته. أضاف: «لقد سلمت الوثيقة إلى وزير المال الدكتور محمد شطح، واتفقنا على إجراء الحفريات والتنقيب». ويوضح عز الدين أن «نَصّ الوثيقة موقّع من جمال باشا سنة 1918، ومفاد النص أنه جرى دفن كميات من الذهب داخل مغارة تحت حرم مقام الخضر في قرية عين عرب، الواقعة شرق بركة القرعون، وقد أجريت دراسات على الوثيقة، وتأكّدت أنه كان ثمّة بركة قرب بلدة القرعون قبل تشييد الدولة السد على نهر الليطاني، كما أن الشواهد التي تذكرها الوثيقة تؤكّد وجود الكنز هنا، حيث عين المياه القريبة من المقام، وبعض الدلائل التي لا تزال قائمة».
وقد وصلت أعمال الحفر أمس إلى عمق متر ونصف متر، حيث تبيّن وجود صخرة كبيرة، ما استدعى تدخل الأهالي لوقف أعمال الحفر. لكن عالم الآثار الأردني أكد أن الصخرة هي فوق مدخل المغارة، وأنه يحتاج إلى مزيد من الوقت حتى يتسنّى له وللعمال رفع الصخرة، وكان له ما أراد إلى أن تبيّن لاحقاً وجود صخور أخرى وأتربة. وقال الدكتور أحمد عز الدين، قبل أن ينقل في سيارة لقوى الأمن الداخلي، ويعاد ردم الحفرة، إن مدخل المغارة، حسب وثائقه، هو بقطر 8 أمتار و«على الأهالي إعطاؤنا مزيداً من الوقت».


صناديق مليئة بالعملات!

ردّد عالم الآثار الأردني، الذي أثار ريبة الأهالي قبل سنوات كما خلال اليومين الماضيين، أن الكنز العثماني المطمور هو كناية عن صناديق مليئة بالذهب والعملات الذهبية. وفي محاولة منه لإقناع الأهالي بطريقة غير مباشرة قال إن وزن الكنز الذهبي قد يصل إلى طنين. بعض الأهالي سارعوا فور سماعهم هذا الكلام، إلى إجراء العمليات الحسابية لمعرفة حصة القرية من الأموال التي ستعود عليها. كما أطلقت عشرات الأسئلة عما إذا كان يحق للدولة التركية استعادة الكنز؟ فيما كانت أسئلة المشكّكين من الأهالي تتهكّم على وزير المال محمد شطح والدولة «التي صدّقت خبرية رجل مجهول».