تتشابه الوضعيّات «القتالية» التي يتّخذها عناصر الجيش اللبناني، مع تلك التي يؤدّيها الزملاء المصوّرون الفوتوغرافيون. كلٌّ يبحث عن هدفه، بين ضجيج الحدث. هكذا، وبعد إشكالات عائشة بكّار الأخيرة، التي انتشر الجيش فيها بكثافة، حدثت بعض المشادّات الطفيفة بين الفريقين
أحمد محسن
ليس الجيش وحده من يملك الأسلحة في ساحة الحدث. المصورون الصحافيون يملكون أسلحتهم أيضاً. بإمكان تلك العدسات الزجاجية المستديرة أن تخيف بعضاً، ممن يرغبون في حجب بعض الأفعال عن العالم. الكاميرات ضد الموت: محشوةٌ بالحقيقة، لا بالرصاص القاتل، كذاك الذي تحويه البنادق المخيفة، التي يضطر الجنود إلى حملها، مرغمين على استعمال كل حواسّهم، لكون عيونهم ليست كافية لضبط الأمن. لكن، ماذا يبقى للمواطن العادي أن يفعل لولا الصورة؟ ينبغي للجيش أن يتعامل مع ذلك. هنا في لبنان، وتبعاً لشهادات المصورين، لا يبدو الانسجام في أفضل حالاته بين العسكريين والمصورين. تكاد العلاقة المتوترة «أن تصبح أمراً واقعاً بين الفريقين»، كما يؤكد أحد المصورين المحترفين. «نحن غير مسلحين»، يقول المصور غاضباً. يبدو غضبه مبرراً، حين يعلن أن أحد الجنود صرخ في وجهه خلال اليومين الماضيين (أثناء محاولته التقاط بعض المشاهد من إشكالات عائشة بكّار الشهيرة) وهدّده باحتجاز حريته في «الريو»، كذلك هدّد زملاءه بتكسير كاميراتهم إذا أطلقت عدساتهم نيرانها الهادئة. يتفهّم المصوّر حالة الارتباك التي تصيب العسكر، لكنه يصر على أن الجيش مدين للمصورين بالحفاظ على أمنهم، فلا يجوز للعسكريين أن يلقوا عبء المخلّين بالقانون، على الكاميرات، ويتوجّهوا إلى المصورين بالتهديد الدائم، حتى ولو كان يتبع المنطق العسكري في العلاقة مع الآخر. في رأي المصور القديم، أن آلة التصوير، آلة قادرة على فضح اللقطات التي يفوت العين أن تصفها بدقة. يوافقه الزميل علي علوش في ذلك. يصف علوش الطريقة التي قابله بها الضابط المسؤول في أحداث عائشة بكّار بالمحترمة، إذ حذّره من الاقتراب بلطف. في رأي المصوّر أن المشكلة لم تعد مع القوى الأمنية (مستشهداً بالتفاهم التام مع رجال الأمن الذين واكبوا الانتخابات النيابية)، أكثر مما هي عليه مع المواطنين. يتحدث عن ذهنية عامة، تتفشى في صفوف الناس، فتحدد قبولهم لمؤسسة إعلامية ورفضهم لأخرى، بينما الواقع مختلف، فالكاميرا واحدة، والصورة واحدة. وكي لا يظهر الواقع مثالياً، لفت مصور آخر إلى أن المصورين يتلاعبون بالظروف أحياناً، كان المصوّر واضحاً. اعترف بسرقة بعض اللقطات الحية في خضمّ «الأخذ والرد مع العسكر». ثمة معادلات تقنية فرضت نمط التعاطي بين الفريقين، وفقاً لتجربة مصور إحدى الوكالات الأجنبية في لبنان، يقول «يقدّر المصورون تعب الجنود، فيما يغضّ هؤلاء النظر عن اللقطات الممكنة». وفي هذا الإطار، يستغرب الزميل مروان طحطح، منع الجيش تصوير الآليات العسكرية، مذكّراً بأنها تسير في الطرقات، ويمكن رؤيتها بأم العين لمن يريد ذلك، كما أن المعلومات التفصيلية عنها، موجودة على شبكة الإنترنت، ومع شرح تفصيلي أيضاً، كما يؤكد الزميل بلال جاويش، الذي يطالب بتعديل بعض القوانين لتتماشى مع التقدم التكنولوجيّ اليوم. «بإمكان أي قمر صناعي التقاط أي صورة»، يذكّر جاويش، مستغرباً سؤال أحد الضباط لعشرات المصورين خلال تشييع الشهيدة زينة الميري «إن كانوا يملكون الإذن بالتصوير، من دون أن ينفي الإيجابية البالغة التي يبديها الجيش في محطات أخرى، ما يُخضع السجال لمزاجية القوى الأمنية أحياناً».
«بالله عليكم، نفهم عمل القوى الأمنية، لكن لا يمكننا العودة بلا صورة، هذا عملنا»، قال أغلب المصّورين.


اللقاء بقهوجي قريباً

أكد نقيب المصورين، ميلاد يوسف، في حديث لـ«الأخبار» أن بعض المشادّات التي تحصل أحياناً، بين رجال الأمن (من مختلف المؤسسات الأمنية) والمصوّرين، ليس بالضرورة أن تعني أن العلاقة سيّئة بين الطرفين. ورأى يوسف أن التجاوزات أمر طبيعي، ودليل على التفاعل في موقع الحدث، كما أشار إلى أن المصوّرين يتفهّمون حزم الجيش، لافتاً إلى طلب قدّمته النقابة إلى قيادة الجيش، عبّرت فيه عن رغبتها في لقاء قائد الجيش العماد جان قهوجي. وفي السياق نفسه، أشار يوسف إلى أن اللقاء مع المدير العام لقوى الأمن الداخلي، اللواء أشرف ريفي «كان إيجابياً جداً». وفي الحديث عن الإيجابيات، أكد النقيب أن الأمور تحسّنت كثيراً بعدما تولّى الوزير زياد بارود مهمّاته في وزارة الداخلية والبلديات.