تكاد تنتهي مهلة التقدم بالطعون الانتخابية إلى المجلس الدستوري، من دون تسجيل أيّ منها حتى اليوم، بعد موجة واسعة من الاحتجاج
محمد نزال
تفصلنا ستة أيام عن موعد انتهاء مهلة التقدم بالطعون الانتخابية. بعد كثرة التلويح والتهديد بها من جانب أكثر من فريق سياسي، ما زالت أدراج المجلس الدستوري خالية من أي طعن حتى الساعة. وكانت بعض الكتل النيابية قد أشارت إلى أن ماكيناتها عكفت على دراسة «المخالفات» التي حصلت يوم 7 حزيران الفائت، ليصار إلى تقديمها كطعون رسمية. أكثر من ذلك، فإن بعض المرشحين (فائزين وخاسرين)، ردّدوا أن طعونهم ستحمل عناوين مختلفة (مثل دفع الرشى ونقل النفوس)، إضافةً إلى اتهام وجّهه بعضهم إلى الأجهزة الأمنية بالتدخل في العملية الانتخابية. وفي هذا السياق، أكد النائب إبراهيم كنعان، نية التيار الوطني الحر، التقدم بطعون في نتائج الانتخابات، في المتن الشمالي تحديداً. ورأى كنعان في حديث مع «الأخبار» أن ما تعرّض له من «هجمة إعلامية وسياسية أخيراً»، يأتي في سياق «حرب استباقية» لثنيه عن تقديم الطعون. من جهة أخرى، لفتت مصادر مقرّبة من النائب ميشال المر، إلى نية الأخير التقدم بطعون انتخابية في بعض النتائج التي حصلت في المتن. بيد أن الملف «لم يكتمل بعد». بدوره، أكد النائب السابق حسن يعقوب، أن «الكتلة الشعبية» هي الأخرى، تنوي الطعن ببعض «التجاوزات» التي حصلت في زحلة.
هذا في السياسة، أما من الناحية القانونية، فيتولّى المجلس الدستوري الفصل في صحة نيابة نائب منتخب، والنظر في النزاعات والطعون الناشئة عن انتخابات أعضاء مجلس النواب، وذلك بموجب طلب يقدمه المرشح الخاسر في الدائرة الانتخابية نفسها إلى رئاسة المجلس الدستوري، في مهلة أقصاها 30 يوماً، تلي تاريخ إعلان نتائج الانتخاب في دائرته، تحت طائلة رد الطلب، بحسب ما جاء في المادة 24 من قانون إنشاء المجلس الدستوري. وتجدر الإشارة، إلى أن مجرد الطعن لا يوقف نتيجة الانتخاب، إذ يعدّ المنتخب نائباً، ويمارس جميع حقوق النيابة منذ إعلان نتيجة الانتخابات، فيما يبلغ الاعتراض إلى رئيس المجلس النيابي ووزارة الداخلية، مع نسخ عن مستنداته إلى المطعون بصحة نيابته، الذي يملك الحق خلال مهلة 15 يوماً من تاريخ تبليغه في أن يقدم ملاحظاته ودفاعه مع المستندات التي في حوزته.
ويسمح قانون المجلس الدستوري، في نصوصه، إلى قدرة طرفي الخلاف بالاستعانة بمحامٍ واحد أمام المجلس. لكن، حتى في حال تسلُّم المجلس طعوناً في المهلة الباقية، فإن بتّها لا يظهر قبل 4 أشهر، إذ يكلّف رئيس المجلس الدستوري أحد أعضائه، إعداد تقرير عن الطعن المقدّم ويفوّضه إجراء التحقيقات اللازمة، ولا سيما أن العضو المقرّر يتمتع بأوسع الصلاحيات، مثل طلب المستندات الرسمية، والاستماع إلى الشهود واستدعاء من يراه مناسباً لاستجوابه بشأن ظروف الطعن. أمّا عن واجباته، فيُلزمه القانون بإعداد تقرير خلال مهلة 3 أشهر على الأكثر من تكليفه، ليُحال على رئاسة المجلس، بحسب نص المادة 29 من القانون المذكور. لاحقاً، يجتمع المجلس الدستوري فور ورود التقرير لمطالعته، كما تبقى جلساته مفتوحة لحين صدور القرار الحاسم، على ألّا تتعدى مهلة إصداره الشهر الواحد. وفي هذه الحالة يحق للمجلس الدستوري، إما إلغاء النتيجة بالنسبة إلى المرشح المطعون في نيابته، وإبطالها، وبالتالي تصحيح هذه النتيجة وإعلان فوز المرشح الحائز الأغلبية، والشروط التي تؤهّله للنيابة، أو إبطال نيابة المطعون بصحة نيابته، وفرض إعادة الانتخاب على المقعد الذي خلا نتيجة الإبطال.
تبقى هذه الآليات القانونية مجرد نصوص جافة، في ضوء خلوّ المجلس الدستوري من أي شكاوى متعلقة بالانتخابات النيابية حتى الآن، علماً أنه في حال حصول الإجراءات المذكورة، فإن قرار المجلس الدستوري سيمرّ برئيس المجلس النيابي، ووزارة الداخلية، قبل وصوله إلى أصحاب العلاقة.