البداوي ــ عبد الكافي الصمدلم يخفِ الرئيس الجديد لمنظّمة أطباء العالم ـــــ فرنسا أوليفيير برنارد سعي منظمته للوجود في مخيمات الشمال، وتحديداً نهر البارد، «لممارسة نشاطها وتطبيق برامجها المتعلقة بالعناية بالصحة العقلية والمساندة النفسية للنازحين، نظراً إلى المعاناة الكبيرة التي يرزحون تحتها».
ومع أن المنظمة «تعمل في لبنان منذ 30 عاماً» حسب برنارد الذي جال أمس ووفداً من المنظمة في مخيمات الشمال، فإن اهتمامها لم يقتصر على اللبنانيين بل شمل الفلسطينيين، لأن القضية الفلسطينية «مهمّة جداً بالنسبة إلينا»، وهو ما دفعها إلى التعاون مع منظمات أخرى مثل الأونروا واليونيسيف وغيرهما في لبنان وفلسطين.
المشرف على عيادات الأونروا في مخيم البداوي د. عماد المطري أوضح لـ«الأخبار» أنه «قدمنا 3 غرف داخل عيادات الأونروا للمنظمة، لأن هذا النوع من العلاج النفسي غير متوافر عندنا، وهم يسدّون فراغاً في هذا الجانب»، كاشفاً أن أطباء المنظمة «يدربون موظفين من الأونروا في هذا المجال»، وآملاً أن يتم «تعميم هذا النوع من العلاج على كل المخيمات الفلسطينية، لأن معاناة أبنائها واحدة، فهم يرزحون تحت ضغوط نفسية واجتماعية كبيرة».
ومع أن المطري أشار إلى أن «معاناة الفلسطينيين مستمرة منذ أكثر من 60 عاماً»، رحّب مسؤول اللجنة الشعبية في المخيم أبو خالد علي بالوفد على طريقته الخاصة، عندما قال لهم إن «شعبنا المنكوب في كل شيء، معاناته النفسية واحدة»، مشيراً إلى أن أحداث مخيم نهر البارد التي وقعت منذ سنتين «جعلت النازحين ينامون في الشوارع والكاراجات، ودفعوا ثمن مشكلة لا ناقة لهم فيها ولا جمل»، مضيفاً أنه نتيجة الضغوط النفسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية التي عانوها «منيح يللي شعبنا بعدو طبيعي».
بدورها، ممثلة المنظمة في لبنان إميلي بواييه أشارت إلى أنه «كنا موجودين هنا قبل أحداث مخيّم نهر البارد»، وأكدت «وجود تعاون مع الهيئات المحلّية من أجل تطوير مشاريعنا وتدريب كوادر جديدة»، من غير أن تنكر معرفتها «مشاكل وحاجيات النازحين وإحساسنا بها»، لافتة إلى أنه «نعمل مع الأونروا واللجنة الشعبية من أجل زيادة التعاون بيننا لحل المشاكل النفسية التي يعاني منها الصغار والكبار معاً».
أما في القاعة المخصصة لـ«اليونيسيف» الواقعة ضمن مبنى اللجنة الشعبية في المخيم، والتي تفقّدها برنارد والوفد المرافق، فتشرح إكرام قيس العاملة في مركز الاستماع الاجتماعي والنفسي أنه «تم افتتاحه في حزيران العام الماضي، وكانت أحداث مخيم نهر البارد السبب الرئيسي في إيجاده».
وإذ تلفت قيس إلى أن المركز «مستمر في عمله حتى العام المقبل، وآمل أن يستمر ويتطور بسبب الحاجة إليه»، توضح أنه «واجهنا صعوبات في بداية عملنا لجهة تقبّل الأهالي للعلاج النفسي، لأن أغلبيتهم ترفض الحديث عن مشاكلها الخاصة، لكننا تجاوزنا الأمر لاحقاً»، وتشير إلى أن «أكثر من يأتون إلينا هم من الأطفال والنساء، وهم يعانون من اضطرابات نفسية وحالات اكتئاب وانفصام في الشخصية وغير ذلك».
وخلال جولته على عيادات الأونروا، عاين برنارد لكونه طبيب أطفال طفلة مريضة، برفقة والدتها، فسألها: «هل ترضعين الطفلة؟»، فأجابت نعم، فقال: «لا تتوقفي عن ذلك، فللرضاعة أثر إيجابي على صحتها النفسية».
في ختام الجولة، تسلم برنارد لائحة مطالب تضمنت زيادة عدد الاختصاصيات النفسيات، وكمية الأدوية نتيجة عدم توافرها في عيادات الأونروا، وتغطية الأدوية لمرضى العلاج النفسي.


وفاة شاب تطيح بالجولة

لم يستطع وفد المنظمة إكمال جولته في البداوي، بعد حالة الاحتجاج التي عمّته إثر وفاة الشاب ربيع زيد (18 عاماً) في أحد مستشفيات طرابلس الذي نقل إليه صباح أمس للمعالجة من التهاب في اللوزتين.
فما كاد نبأ الوفاة يصل حتى عمدت الفصائل إلى إغلاق مكاتب الأونروا وعياداتها خوفاً من ردّات فعل ذوي الشاب، بعدما كانت حالات اعتراض سابقة قد حصلت رفضاً لتعاقد الأونروا مع المستشفى المذكور، لاعتباره دون المستوى المطلوب.
وإذ ألغى وفد المنظمة جولته واضطر لمرافقة وفد الأونروا إلى المستشفى المذكور لاستيضاح الوضع، تعالت الأصوات التي طالبت بإيقاف التعاقد مع المستشفى، وتشكيل لجنة تحقيق للنظر في أسباب وفاة 5 أشخاص من المخيم في المستشفى ذاته أخيراً، والبحث عن حلول بديلة.