طرابلس ــ فريد بو فرنسيسحلّ صيف «البرغش» في منطقة باب التبّانة باكراً. لم تعد الحرارة المرتفعة تعكّر يوميات أهالي المنطقة الفقيرة، مقارنة بما يفعله البرغش بهم ليلاً نهاراً. وما يزيد الطين بلّة، قرب بيوت المنطقة المعدمة والمكتظة بالناس في التبّانة من سوق خضار المدينة. فهذا السوق الذي يفتقد إلى أبسط معايير النظافة، يساهم كثيراً بتصدير كميات هائلة من البرغش كافية «لتطلّعنا من تيابنا»، كما يقول وليد الصالح. يسكن الصالح في جوار السوق، لكنّه على الرغم من فرحته «بالإقامة في هذا المكان، حيث نستطيع توفير كل مستلزماتنا» إلا أنّ «البرغش سيسبب رحيلنا في يوم من الأيّام لكثرته». ويقول «لا نستطيع النوم براحة، فالبرغش لا يتركنا أبداً ويهجم علينا بكثافة، ولا شيء نستعمله للوقاية منه سوى «الكاتول». لكن، حتى «الكاتول» غالباً ما يكون «مزعجاً أكثر من البرغش، ونعمد في أحيان كثيرة إلى إطفائه خوفاً على الأطفال من الاختناق».
سوق الخضار «على نفاياته»، لم يعد هو المصدر الوحيد للبرغش، وإن كان النهر المجاور، أبو علي، هو الأول. ثمّة مشارك آخر في تصدير البرغش، وهو مستوعبات النفايات الحديدية المنتشرة في المدينة عموماً وفي محيط سوق الخضار وداخله خصوصاً. والأسوأ من ذلك، بحسب أحد جيران هذه المستوعبات «هو أنها لا تخضع لعملية التنظيف الكامل بل إن مخلفات النفايات تبقى في معظمها داخلها». غير أنّ الجار لا يشعر بهذا الإهمال «إلا في فترة الصيف، لأنّ هذه المخلفات عندما تتخمّر بسبب حرارة الشمس وتجلب البرغش السام إلينا». وأمام كل هذا، لا يجد حلاً سوى «إغلاق النوافذ، وهو ما يزيد الطين بلّة، إننا بهذا الإجراء نعاني مرتين: بسبب البرغش وبسبب الانقطاع شبه الدائم للتيار الكهربائي الذي يحرمنا من استعمال المكيّفات الهوائية».
وبما أن التيار الكهربائي «دائماً في غيبوبة» و«الكاتول» مضر، كما تقول ميرفت مرعي، تعمد «كل ليلة إلى وضع كريم على جسدي لإبعاد لسعات البرغش السامة». غير أن ما يحصل في التبانة، يحصل في مناطق أخرى في طرابلس، وإن كانت وتيرة الغزو أقل. ما يفترض العمل على مكافحة البرغش من خلال رش المبيدات في الشوارع دائماً، أقلّه في موسم الحر.