إن استباق نتائج التحقيق يثير تساؤلات في القضايا الجنائية ويؤدي إلى تشكيك في القوى الأمنية. أجهزة وزارة الإعلام استبقت التحقيق، معرّضة مؤسسات وزارة الداخلية لاستهداف من ذوي الضحية
طرابلس ــ عبد الكافي الصمد
تفاعلت حادثة مقتل الدكتور جمال الصمد، شقيق النائب السابق جهاد الصمد، التي حصلت إثر إشكال وقع أول من أمس في شارع نديم الجسر في طرابلس، وتضاربت المعلومات في الأسباب والحيثيات، بينما لم تختم السلطات القضائية تحقيقاتها حتى ساعة متأخرة من مساء أمس. إلا أن الوكالة الوطنية للإعلام وبعض المواقع الإلكترونية استبقت التحقيقات عبر إعلانها أن الصمد «أطلق النار على طليقته ريم الجسر فأصابها، وتدخلت عناصر من قوى الأمن الداخلي وحصل إطلاق نار بينها وبين الصمد، الذي ما لبث أن أطلق النار على نفسه فتوفي على الفور».
وكان قد حضر قاضي التحقيق في الشمال خالد عكاري وآمر مفرزة الشرطة القضائية في طرابلس وعناصر «الأدلة الجنائية» إلى المكان، بينما تجمّع العشرات من أقرباء الصمد وأصدقائه واتهموا القوى الأمنية بإطلاق النار عليه وقتله وطمس المعلومات، بعدما وجدوا عدة رصاصات فارغة من عيار 7,62 ملم عند مدخل المبنى الذي يبعد أقل من عشرة أمتار عن الجثة. وقالوا إن قوى الأمن لم تحمِ مسرح الجريمة كما يفترض. كاد الأمر يتطور إلى تصادم مع القوى الأمنية بعد وصول تعزيزات لإبعاد المحتشدين بالقوة، إلا أن انسحاب التعزيزات وتدخّل بعض المقربين من الصمد أسهما في تهدئة الأمور.
وأكد مسؤول رفيع في قوى الأمن لـ«الأخبار» أمس أنه «إذا بيّنت التحقيقات أن أحد عناصرنا قتل الصمد، فلن نتردد في تسليمه للقضاء».
وإزاء تضارب المعلومات، وقع إشكال آخر في المستشفى الإسلامي بين ذوي الصمد والقوى الأمنية أدى إلى جرح شخصين. وأصدرت المديرية العامة لقوى الأمن بياناً رأت فيه أنّ «ما تناقلته بعض وسائل الإعلام عن ظروف وفاة الطبيب جمال الصمد هو استباق لنتائج التحقيق»، موضحة أن «التحقيقات التي يجريها القضاء المختص لم تنته بعد، وترجو من وسائل الإعلام عدم التسرع في نقل ظروف الحادث والوفاة، حفاظاً على الصدقية والحقيقة وسرية التحقيق».
وبعد تشييع الصمد في بلدة بخعون ـــــ الضنية، أصدر نقيب المحامين السابق في الشمال فادي غنطوس، بصفته وكيلاً عن ورثة الصمد، بياناً جاء فيه:
«1ـــــ إن قوى الأمن لم تتولّ التحقيق في الحادث مطلقاً، وبالتالي نستغرب إسراعها خلال نحو نصف ساعة من وقوعه في تزويد الوكالة الوطنية للإعلام المعلومات عنه، ومحاولة تعميم الخبر كأنه حادث انتحار.
2ـــــ إن هذا الفعل مخالف للقوانين والأنظمة بغض النظر عن الغاية من وراء ذلك، لذا فإننا نطلب من وزير الداخلية الذي نثق بالتزامه بالقوانين، الإيعاز إلى المراجع المختصة بإجراء تحقيق مع الضباط المذكورين لمعرفة دوافع استباقهم التحقيق والتقارير الطبية والجنائية التي يضطلع بها الأطباء الشرعيون وعناصر الأدلة الجنائية المكلفون من المراجع القضائية المختصة.
3ـــــ إن التحقيق، فور وقوع الحادث، قد باشر به قاضي التحقيق في الشمال الرئيس خالد عكاري، الذي يتمتع بثقتنا الكاملة والمطلقة، وهو إلى هذه اللحظة يجمع كلّ الأدلة والمعطيات التي تسمح له بتحديد تفاصيل الحادث وظروفه، علماً بأنه رغم حرصه وحرصنا على سرية التحقيق ودقته، فإنه إلى الآن لم يتجمع لديه ما يكفي من أدلة ومعطيات تؤكد ما إذا كان الحادث ناجماً عن انتحار أو عن إطلاق نار من أحد عناصر قوى الأمن.
4ـــــ إن الأطباء الشرعيين لم ينهوا بعد تقريرهم بانتظار نتائج الأبحاث التي تجريها الأدلة الجنائية، علماً بأن ما لدينا من معطيات ومعلومات يسمح لنا مبدئياً باستبعاد نظرية الانتحار».