خالد صاغيةمن تصفّح الموقع الرسمي للتيار الوطني الحر، أمس، وجد جملةً افتتاحيّةً على الموقع، تقول بسخرية: «اللبنانيون فهموا الآن شعار تيار المستقبل أثناء الحملة الانتخابية: ما بيرجعوا والسما زرقا. فهمنا أن المقصود هو لا لزوم لأن ترجعوا، سنذهب نحن إليكم. أما قالتها بهية الحريري في 14 آذار 2005 بالذات: إلى اللقاء سوريا؟». وهذه الجملة التي أضيء عليها هي في الواقع جزء من مقال نشر على الموقع نفسه تحت عنوان: «فهمنا ماذا تقصد بهية الحريري؟ سيناريو ذهاب سعد الحريري إلى دمشق».
مناسبة ذاك المقال، طبعاً، هي بداية الحديث عن زيارة النائب سعد الحريري إلى سوريا.
وقبل ذلك بأيّام، شُنَّت حملة مماثلة، وبما يشبه الشماتة، تعليقاً على الدعوات للهدوء التي تلت الانتخابات النيابية، والتي ترافقت مع إعلان تيار المستقبل استعداده لإعطاء المقاومة ضمانات في ما يخصّ سلاحها عبر البيان الوزاري وسبل أخرى، وحصر النقاش بشأن ذاك السلاح بطاولة الحوار.
من المفهوم أن تخرج، عقب هذه المواقف، تصريحات لبعض قوى الأكثرية تعبّر عن غضبها أو رفضها لهذه التحوّلات. ومن المفهوم أن يرى بعض هذه القوى في ما يجري خروجاً عن مبادئ معيّنة. لكن من غير المفهوم أن تثير هذه المواقف غضب بعض قوى الأقليّة، أو سخريتها، أو حتّى شماتتها.
فبدلاً من الترحيب بالخطوة، واعتبار أنّ الأكثريّة وإن فازت بالعدد الأكبر من مقاعد البرلمان فإنّها بدّلت بعض خطابها لتقترب من خطاب الأقلية، وأنّ على الأقليّة ملاقاتها في منتصف الطريق، جوبه الموقف الجديد بالسخرية وبتحريض حلفاء المستقبل على عدم القبول بما يقوم به زعيم الأكثرية، أو تعييرهم بذلك إن قبلوا.
ألم تكن إعادة اللقاء بسوريا هي بالضبط ما روّجت له المعارضة خلال أربع سنوات؟ أوَليس إخراج الحديث عن نزع سلاح المقاومة من الشارع هو أحد مطالب المعارضة؟ ألم يزُر العماد ميشال عون نفسه دمشق وحلب، بعدما دعا طويلاً إلى ضرورة إنهاء الخلاف مع سوريا بعد خروجها من لبنان وأن لا علاقة لنا كلبنانيين بتغيير النظام في سوريا؟
كأنّ بعض المعارضة ليس مكترثاً بانعكاس ما يجري على تثبيت الهدوء في البلاد. وكأنّ بعض المعارضة لم تكن لديه سياسة إلا فنّ المناكفة.