خليل عيسىلم يشارك الكثير من طلاب الجامعة الأميركية الحاليين في «هايد بارك» مساء السبت (راجع الأخبار عدد 861) الذي أعيد لمرة واحدة فقط فيما لا يبدو أنّ الجامعة مهتمة بتكريسه نشاطاً دورياً. فقد كان معظم المشاركين من الطلاب القدامى والإداريين وطلبة الفصل الدراسي الصيفي الذين صودف مرورهم قرب الحفل الذي أُقيم في الهواء الطلق كما كان يقام من 1969 إلى 1974.
وبما أن الجمهور لم يكن على علاقة بالحالة الطالبية الراهنة، تحوّل حفل توقيع كتاب مكرم رباح «الحرم الجامعي خلال الحرب: الحركات السياسية لطلاب الأميركية في الستينات» مناسبة لتباكي معظم المتكلمين، وهم رؤساء سابقون للجسم الطالبي من الستينات حتى نهاية السبعينات على «مجد حركتنا الطالبية» وتأكيدهم على «عدم إمكان رجوعها بعد اليوم». وداد الحسيني مثلاً، التي تعمل في الجامعة منذ تخرجها منها، ترى أنّ «الهايد بارك يجب أن يكون درساً للتسامح والمحبة بين الطلاب». أما المحامي محمد فريد مطر، فذكر كيف أتى الطلاب الأرمن مرة بخمسمئة شخص من برج حمود مسلّحين بالعصي لمنع 18 طالباً تركياً من إقامة الأسبوع الثقافي التركي و«لقّنوهم درساً خارج أسوار الجامعة»!
رباح ألقى كلمته بالإنكليزية ومدح فيها «ثورية الطلاب آنذاك ووعيهم». تلاه عميد شوؤن الطلبة مارون كسرواني، الذي شرح أسباب عدم عودة منبر «الهايد بارك» بعد انتهاء الحرب قائلاً «إنّ الوعي القومي عند الطلاب خلال فترة الستينات كان أكبر، إذ كانت ترفع فيه أكثرية أيديولوجية واحدة راية القومية العربية». وأضاف «يتوزع الطلاب بين تيار المستقبل وحزب الله والتيار الوطني الحر، فكيف بربكم نستطيع أن نجمع كل هؤلاء اليوم؟». وكان أكثر المتكلّمين حماسة على المنبر الوزير السابق في السلطة الفلسطينية ماهر المصري، الذي رأى أنّ قوة الحركة الطالبية في الأميركية آنذاك «رد طبيعيّ على نكبة 67».
لا يضاهي موقف كسرواني حزماً إلّا شرح رئيس الجامعة السابق جون واتربري (2000 ـ 2008) الذي أوضح لـ«الأخبار»، بكلّ «جديّة»، ولو أنّ الضحكة لم تفارقه، أنّ مشكلة «الهايد بارك» اليوم تتمثّل في إمكان أن يشوّش على حسن سير الصفوف الدراسية!
انقسم الطلاب الذين شاركوا في الحفل بين مؤيد لكسرواني ومعارض له. فنائب رئيس مجلس الطلبة لعام 2005 جاد منيمنة رأى أنّ «المشكلة الأساسية هي قلّة الثقافة السياسية لدى الطلاب اليوم». أما الطالب فواز بوعلوان، فقد رأى أنّ كسرواني محق ولو «أنّه من المنطقي تجربة المنبر من جديد ورصد تفاعل الطلاب معه، وبعدها يُقرر إذا ما كان من الأفضل إبقاؤه أم لا». لكن الجزء الآخر من الطلاب لم يرضه كلام كسرواني. منهم ريما، وهي طالبة سابقة، التي لا تعتقد أنّ هناك مانعاً يحول دون رجوع المنبر مجدداً. ويعتب رئيس النادي الفلسطيني في الأميركية، بهاء كيالة، على كسرواني الذي «ذكر حماس وفتح في خطابه بينما لدينا نادٍ فلسطينيّ يضم الكلّ». كما رأى كيالة أنّ «كسرواني منذ تولّى عمادة شؤون الطلبة أسهم في تقييد الحركة عبر تراكم يصل إلى جعل الهم الاقتصادي عند دخولهم الجامعة رادعاً لأي تحرّك». أما كسرواني فقال لـ«الأخبار» إنّ «تجربة إعادة المنبر لساعتين فقط، أثناء انتخابات الطلبة، التي نخوضها منذ 9 سنوات، وما ينتج منه من احتكاك لا يشجع على تعميم التجربة أبداً». وأضاف إنّه لا مانع من إعادة العمل بالمنبر ابتداءً من الفصل الدراسي المقبل لكن داخل إحدى القاعات لا في الهواء الطلق.


استعادة زمن النضال الجميل

لا يعدو الحفل كونه إحياءً لذكرى مجموعة من المناضلين القدامى في الحركة الطالبية في الأميركية، شارف معظمهم على الكهولة مع غياب شبه كامل للطلاب الحاليين. وقد كانت حملة دعائية موفّقة لإطلاق كتاب نائب رئيس مجلس الطلبة السابق مكرم رباح «حرم جامعي في حالة حرب: الحركات السياسية لطلاب الأميركية في الستينات» الذي حصل على دعاية من رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال فؤاد السنيورة شخصياً، الذي كان يشارك الحضور لقاء النوستالجيا المستوحِد. وتحوّل اللقاء بين الحاضرين والسنيورة إلى تبادل المجاملات والمجاملات المضادة، بينما كان صوت الفنانة ماجدة الرومي التي كانت تقوم ببروفاتها من أجل حفل غنائها الأحد بمناسبة حصولها على دكتوراه فخرية من الجامعة يلعلع في الحرم.