خلال اليومين الماضيين، قدّم طلاب الصحافة في كلية الإعلام 1 أفلام تخرّجهم. استحضروا مواضيع متعددة تصلح، لو جمعت، لتأليف فيلم وثائقي ضخم، يؤرخ لمرحلة قاتمة من الماضي القريب، محوره السياسة
محمد محسن
ربع ساعة من الألم. استيقظت شهيدة جبهة المقاومة الوطنية يسرى إسماعيل من جديد. محمود درويش لم يترك الحصان وحيداً. استغنى عن حضرة غيابه، وأطل من بوابة فلسطين والشعر. حرب تموز عادت في ذكراها الثالثة، لتخبر عن ذكريات يقتات عليها ضحاياها. أمّا الأرمن وصيادو السمك في طرابلس، فتجتاحهم الرغبة بالبقاء، ولو كلّفهم ذلك تعباً استثنائياً. هذه خلاصة مشاريع التخرّج، التي عرضها طلاب السنة الثالثة في كلية الإعلام والتوثيق (قسم الصحافة الإذاعية والتلفزيونية)، الفرع الأول، يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين. هي التجربة الأولى للطلاب على مستوى إنتاج الأفلام الوثائقية. حضروا صبيحة يوم الاثنين، وعيونهم شاخصة نحو علامة تعبر بهم نحو التخرّج، ينتظرونها من لجنة شاهدت 24 فيلماً، توزّعت بين نوعي الوثائقي والسيرة الذاتية.
للمقاومة حصّتها من المشاريع، إذ تناول بعض الأفلام ما تيسّر من السيرة الذاتية للشهيد عماد مغنية، بينما تناولت أخرى جرحى المقاومة، وأهل الجنوب الذين صمدوا في حرب تموز. ولكن، خلافاً لما هو متوقّع، غابت غزّة، ليقتصر حضور فلسطين على سيرتين ذاتيتين واحدة عن الشاعر محمود درويش، والثانية عن الأديب غسان كنفاني. كما لفت اللجنة فيلم تحدّث عن ظاهرة «الراب باللغة العربية» المنتشرة في المخيمات الفلسطينية. إعلامياً، عرض الطلاب فيلمين تناولا سيرتي الراحل جوزيف سماحة، والصحافي العراقي منتظر الزيدي.
استمرت فترة المناقشات ليومين بمعدّل ست ساعات في كل يوم. تناول تقييم اللجنة للأفلام من جوانب عدة، ترتبط بالبناء الدرامي وتسلسل المحاور ضمن الأفلام، وأمور تقنية تتعلّق بنوعية الصورة والصوت، والكفاءة في المونتاج والإخراج. منحت اللجنة تقييمها للمسائل الدرامية والفنية، الأولوية على تقييم الأمور التقنية. تألفت من خمسة أساتذة برئاسة الدكتور محمد محسن، اعتمدوا في إصدار حكمهم على المعايير العلميّة، التي كانوا قساة أحياناً في تطبيقها، بينما اعتمدوها على سبيل التوضيح والإرشاد في أحيان أخرى. أفلام عديدة أعجبت اللجنة. منها فيلم «صورة في الذاكرة» الذي تناول الذكريات التي دمّرتها حرب تموز مع كل ما دمّرته، وفيلم صيادي السمك في طرابلس، الذي عرض مشاكل الفقراء من خلال ظروف الصيادين. لم يرتبك الطلاب أمام نقد اللجنة، بل حاولوا قدر الإمكان، في دقيقتين سمحت لهم بهما، تبرير الأخطاء الواردة في أفلامهم. تحدثوا عن مشاكل واجهتهم، ليس أوّلها الهم التقني وضعف بعض المصورين، ولا آخرها التكاليف التي تكبّدتها جيوبهم. هذا طبعاً، دون تناسي صعوبة جمع المادة الأرشيفية في أفلام كثيرة، وهي مشاكل دأب طلاب سنوات التخرج على مواجتهها في كل عام. انتهت المناقشات، وبمعزل عن قسوة نقد اللجنة أو ثنائها، لا يتوقع الطلاب، وخصوصاً الذين تعرضوا للنقد، أن يرسبوا، كيف لا وقد «تعبنا فترةً طويلة في تحضير الأفلام، وهذه تجربتنا الأولى» كما يرددون، مطمئنين إلى أن اللجنة تضع ذلك في الاعتبار.