انتهت المهلة القانونية لتقديم الطعون الانتخابية منتصف ليل أمس. وحفظ المجلس الدستوري 19 طعناً في أدراجه. تنوّعت الدوائر المطعون في صحة نوابها، بيد أن مضامين الشكاوى كانت شبه متشابهة... الأمر في عهدة «الدستوري» الذي لن يعلن نتائج بتّ الطعون قبل 4 أشهر.
محمد نزال
تحريض طائفي ومذهبي، نقل للنفوس، المال الانتخابي والرشى، تزوير وتصرفات غير قانونية من بعض رؤساء الأقلام. تلك كانت أبرز الشكاوى التي وردت في الطعون الانتخابية، والتي انتظر أصحابها الأيام الأخيرة من مهلة الثلاثين يوماً بعد الانتخابات للتقدم بها إلى المجلس الدستوري. 19 طعناً هو العدد الذي بلغته الطعون المقدمة من مرشحين خاسرين في الانتخابات النيابية في 7 حزيران الماضي.
دائرة زحلة كانت أكثر الدوائر الانتخابية إثارة للجدل السياسي، بعدما حسمت بنتائج نوابها السبعة نتائج الانتخابات برمتها بين أقلية وأكثرية. هناك، تقدمت لائحة «الكتلة الشعبية» بطعون في نيابة أعضاء كتلة «زحلة بالقلب»: إلياس سكاف ضد النائب نقولا فتوش، سليم عون ضد النائب إيلي ماروني، رضا الميس ضد النائب عاصم عراجي، حسن يعقوب ضد النائب عُقاب صقر، فؤاد الترك ضد النائب طوني أبو خاطر، كميل معلوف ضد النائب جوزف معلوف.
في إطار الحديث عن طبيعة الشكاوى في طعون زحلة، أشار النائب السابق سليم عون في حديث مع «الأخبار»، إلى أن هناك «زيادة 12 ألف صوت حصلت في لوائح الشطب خلافاً للقانون، فهذه الزيادة حصلت بعد تصحيح وزارة الداخلية اللوائح، أي بعد تاريخ 30 آذار الفائت، وكل ذلك موثَّق لدينا». المال الانتخابي حضر في طعون «الكتلة الشعبية»، إذ وصل «سعر الصوت الواحد إلى 3000 دولار، ولدينا شهود على ذلك، وعلى المجلس الدستوري أن يتحقق أيضاً من سحب مبلغ 240 مليار ليرة لبنانية من مصرف لبنان لبنك البحر المتوسط، يوم الجمعة في 5 حزيران الماضي». يضيف عون في شرحه للطعون المقدمة: «أضفنا فيها خطابات التحريض التي نطق بها بعض المفتين، ورسالة غبطة البطريرك قبل يوم من الانتخابات»، وأردف متهكماً: «أنا نادم لأني لم أسمع برسالة البطريرك، فلو سمعتها لكنت قد اقترعت ضد نفسي، خوفاً على الكيان». أما في بيروت، فقد بادر المرشح الخاسر في دائرة بيروت الثانية، عدنان عرقجي، إلى الطعن في نيابة نهاد المشنوق. وكان عرقجي قد رأى في مؤتمر صحافي عقده أخيراً أن «الفوز في الانتخابات بناءً على الاصطفاف المذهبي والطائفي على حساب وحدة الوطن، لا يمكن تجاوزه والسكوت عنه، لأنه رجع بنا وبلبنان عشرات السنين إلى الوراء». كذلك رأى أن معظم أعضاء المجلس النيابي «قد وصلوا بالرشوة المالية، ولم يأت مجلس منذ الاستقلال بهذا الأسلوب». في بيروت الأولى، تقدّم مرشح «التيار الوطني الحر» نقولا صحناوي بطعن في نيابة ميشال فرعون.
عن دائرة الجنوب، لم يصل إلى المجلس الدستوري سوى ملف قدمه المرشح الخاسر عن دائرة جزين، عجاج الحداد طعناً في نيابة عصام صوايا.
قبل ثلاثة أيام، كان النائب السابق مخايل الضاهر قد تقدم إلى المجلس الدستوري بطعن في نيابة هادي حبيش، وذلك عن دائرة عكار. وفي الدائرة نفسها، طعن رشيد الضاهر في نيابة حبيش أيضاً.
كرّت سبحة الطعون في اليومين الماضيين، وتحديداً في الساعات الأخيرة من انتهاء المهلة القانونية، بعدما افترضت أكثر من جهة سياسية «أن الطعون لن تقدم»، مثلما كان قد أشار عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب فؤاد السعد، الذي رأى أن الطعون إن قدّمت، فإنها ستكون «أداة تسلية لا أكثر». قبل ساعات من انتهاء المهلة القانونية لتقديم الطعون، وعند الساعة السادسة من مساء أمس تحديداً، وصل أعضاء لائحة «الإنقاذ المتني» إلى المجلس الدستوري، وتقدموا بطعون انتخابية في نيابة عدد من نواب لائحة تكتل «التغيير والإصلاح» في دائرة المتن الشمالي. طعن كل من إميل كنعان، وسركيس سركيس وماجد إدي أبي اللمع في نيابة كل من النواب: إبراهيم كنعان، وسليم سلهب، ونبيل نقولا. وطعن المرشح الخاسر إلياس كرامة في نيابة إدغار معلوف. عند السابعة مساءً، وصل المرشحان الخاسران في دائرة المتن، غسان الرحباني وغسان الأشقر إلى المجلس، وطعنا في نيابة ميشال المر وسامي الجميّل.
بعد الخروج من مبنى المجلس الدستوري، أشار إلياس مخيبر، الطاعن بنيابة غسان مخيبر، إلى أن الشكاوى المقدمة تمحورت حول أقلام الاقتراع في برج حمود «التي ارتفعت فيها نسبة الأصوات بنحو 4000 صوت، في الانتخابات الفائتة، قياساً بالانتخابات التي سبقتها».
من جهة أخرى، ذكر مقربون من الرحباني والأشقر أن الطعون التي تقدما بها تتضمن اعترافات خطيرة عن ضغوط مادية ومعنوية مورست بحق بعض الناخبين، إضافة إلى تضمنها محاضر تحقيق رسمية تؤكد هذه الشكاوى. وأضاف المقربون من المرشحين الخاسرين إلى «وجود تسجيل صوتي للنائب ميشال المر يتضمن تهديداً لرجال دين ولشخصيات مرموقة على خلفية انتخابية». أما بالنسبة إلى الطعون المقدمة ضد نواب من «تكتل التغيير والإصلاح» فرأى مسؤولون من التكتل أنها تمثّل «أداة ضغط موازٍ على المجلس الدستوري، أي لمواجهة الضغط الذي ينتج من تقديم المعارضة لعدد من الطعون في نيابة موالين للأغلبية».
وأكد رئيس المجلس الدستوري، القاضي عصام سليمان، أن المجلس «سينكب مباشرة على متابعة الطعون الانتخابية»، موضحاً أنه سيكلف قاضياً لكل ملف، على أن تجري المتابعة بحسب الأصول.
يسمح قانون المجلس الدستوري، وفق نصوصه، لكل طرف من طرفي الخلاف بالاستعانة بمحامٍ واحد أمام المجلس.
لا تُبَتّ الطعون قبل 4 أشهر، إذ يكلّف رئيس المجلس الدستوري أحد أعضائه إعداد تقرير عن الطعن المقدّم ويفوّضه إجراء التحقيقات اللازمة، ولا سيما أن العضو المقرّر يتمتع بأوسع الصلاحيات، مثل طلب المستندات الرسمية، والاستماع إلى الشهود واستدعاء من يراه مناسباً لاستجوابه بشأن ظروف الطعن.
والمقرر ملزم، حسب القانون، بإعداد تقرير خلال مهلة 3 أشهر على الأكثر من تكليفه، ليُحال على رئاسة المجلس، بحسب نص المادة الـ 29 من القانون المذكور. لاحقاً، يجتمع المجلس الدستوري فور ورود التقرير لمطالعته، كذلك تبقى جلساته مفتوحة لحين صدور القرار الحاسم، على ألّا تتعدى مهلة إصداره شهراً واحداً. في هذه الحالة يحق للمجلس الدستوري إلغاء النتيجة بالنسبة إلى المرشح المطعون في نيابته، وإبطالها، وبالتالي تصحيح هذه النتيجة وإعلان فوز المرشح الحائز الأغلبية، والشروط التي تؤهّله للنيابة، أو إبطال نيابة المطعون بصحة نيابته، وفرض إعادة الانتخاب على المقعد الذي خلا نتيجة الإبطال.
يشار إلى أن الطعن لا يوقف نتيجة الانتخاب، بحسب ما نصت عليه المادة الـ26 من القانون المذكور. ويُعَدّ المنتخَب نائباً، ويمارس جميع حقوق النيابة منذ إعلان نتيجة الانتخابات، إلى أن يصدر المجلس الدستوري كلمته الفصل.
وليلاً، انضم إلى لائحة المتقدمين بطعون المرشّح الخاسر رامي عليق ضد النائب عباس هاشم.


بالصوت والصورة

أكّد المرشح الخاسر في دائرة بيروت الأولى، نقولا صحناوي، أن الطعن الذي تقدم به إلى المجلس الدستوري يتضمن تسجيل فيديو يظهر فيه النائب سيرج طورسركيسيان جالساً مع رئيس القلم الانتخابي في مدرسة الإمام علي بن أبي طالب. وفي حديث مع «الأخبار» قال صحناوي: «نطالب بإلغاء هذا القلم الذي يضم 4150 صوتاً، أي ما يكفي لقلب المعادلة كلها في الأشرفية والصيفي والرميل». وأشار صحناوي إلى أن التسجيل يبرز تلاعباً حصل في بطاقات الهوية. وأضاف أنه ضمّن طعنه عدداً من شكاوى التزوير لبعض جوازات السفر التي أُظهرت كبطاقة تعريف عن الناخب. أسهب صحناوي في شرح الشكاوى التي تضمنها الملف قائلاً: «جرى نقل للنفوس إلى منطقة الأشرفية طوال 4 سنوات مضت، ولدينا شهادات ووثائق تثبت ذلك». وعما إذا كان هناك شكاوى عن العملية الإجرائية في الانتخابات، أكّد صحناوي أن «ضغوطاً مورست على عدد من رؤساء الأقلام، ما دفعهم لمخالفة القانون، ومن المخالفات التي سجلناها عدم مراعاة الوقوف خلف العازل، وإقفال القلم بطريقة استنسابية لمدة معينة، وإعادة فتحه بعد ذلك».