القدس ـــ أسامة العيسةفي مثل هذه الأجواء شقت مارغريت طريقها وتماهت الفتاة المثقفة مع ناسها الجدد، وأصبح تطور وضعهم الاجتماعي والاقتصادي جزءاً من حياتها ومن تحولات وضعها وزواجها. ويأتي وصفها «ملحمياً» لتاريخ المنطقة وتفاصيل البتراء ومفرداتها ومناظر الصحراء والوديان والسيول والنباتات والحيوانات. وحاولت إيجاد تفسيرات علمية وبدون تعسف أو مبالغة لبعض ما عاشته من تقاليد مثل تقديس البدو للأولياء، واستخدامات الطب الشعبي. فهي وإن كانت قد أصبحت جزءاً من «القبيلة» كما تصف نفسها، إلا أنها احتفظت بتلك العين الناقدة المتفهمة القادرة على التقاط التفاصيل.
وعاشت مارغريت في كهفها في البتراء، حتى انتهاء أسلوب حياة البدو هناك، الذي استمر قروناً عدّة عندما تقرر إخلاؤهم، من المدينة النبطية الأثرية إلى وحدات سكنية حديثة، وبهذا انتهى أسلوب حياتهم.
الكتاب صدر بالإنكليزية عام 2006 ولاقى رواجاً لدى الأوساط المهتمّة، وهو متوافر بترجمة عربية بتوقيع سلمى خليل المقدادي. وصدر عن مكتبة العبيكان في الرياض. ورغم الجهد الذي بذلته المترجمة، ليأتي أسلوب الكتاب سلسلاً ومشوقاً، فإنها وقعت في أخطاء كثيرة، قد لا تكون مبررة، مثل تسميتها صحراء النقب بصحراء النجف، وإصرارها على إطلاق اسم السق على مدخل البتراء رغم أنه معروف باسم السيق. أما إذاعة صوت إسرائيل فتصبح (صوت فلسطين من أورشليم القدس)!
يحسب للمترجمة محاولتها في أكثر من موضع من الكتاب الاقتراب من اللهجة البدوية في الحوارات التي توردها الكاتبة مع الناس هناك. في السنوات الماضية كتب صحافيون وأدباء نصوصاً عن رحلاتهم إلى هذا الشرق، حاولوا فيها أن يكونوا متفهمين وعارفين، إلا أنهم لم يتمكّنوا من التخلص من تراث استشراقي مديد حكم النظرة إلى الشرق، فيما مارغريت تقدم شيئاً جديداً ومختلفاً، ربما نسميه استشراقاً جديداً، يبدأ الآن من البتراء.